الفلسفة أو الفقه أو الأصول أو التفسير، وأخيرا، لو أن غير أهل الاختصاص لم يظهروا آراءهم وعقائدهم بالنسبة للمسائل العقائدية، لاقتلعت اختلافات المجتمع البشري من جذورها.
وإذا كنا نشاهد في عصرنا الحاضر - وعلى امتداد التاريخ - العشرات من المدارس والمئات من العقائد والآلاف من الأفكار المختلفة والآراء المتباينة، وأن كل من جمع حوله لفيفا ينصب نفسه عليهم منظرا وزعيم منظمة ويفرض نظريته وعقيدته الخاصة عليهم ثم بحثنا عن سبب هذه الاختلافات بحثا جذريا لوصلنا إلى جذرها هذا الذي أشار إليه الإمام سلام الله عليه، وأنه إظهار الجهلاء وغير المتخصصين وجهات إنظارهم الفجة وإقحامهم آراءهم الفقاعية على الواقع والحقيقة.
ولو أن أصحاب الأفكار المختلفة صمموا على أن لا يظهروا آراءهم بالنسبة لشيء ما لم يثبت لهم الرأي بصورة قطعية، وألا يعرضوا فرضياتهم التي لم تثبت بعد على أنها نظريات علمية، فإن الخلاف بين وجهات النظر سيقتلع جذريا من بين المجتمع، وستلتقي جميع الأفكار في مجال الحقائق الكونية في وجهة نظر مشتركة أو موحدة، وذلك لأن الحق واحد لاغير، ولا يمكن إلا أن يكون واحدا بالضرورة. وفي كل هذه النظريات المتناقضة والأفكار المختلفة والعقائد المتضادة لا محالة من عقيدة صحيحة علمية مطابقة للواقع، والباقيات غير صحيحة وغير علمية وغير منطبقة على الواقع وكيف يتأتى أن يكون قولي حقا وقولك حقا وقول الآخر كذلك وآراؤنا متناقضة تماما فيما بينها؟! ولكل منا رأيه الخاص المغاير للآخرين؟!