ويوحنا لم يذكر حرفا واحدا من ذلك، وهي جملة واحدة منزلة من الله تعالى بزعمهم، فمن كان ذو لب فليتعجب! وعلى كل فالمسيح (عليه السلام) بالغ في نصح التلاميذ بما يرشدهم فيه إلى التواضع، وعدم احتقار الصغير، ورب صغير أعظم عند الله من الكبير، لان الصغار الذين هم دون الحلم غير مؤاخذين، ولذا قال المسيح (عليه السلام): إن ملائكتهم في كل حين ينظرون وجه أبي لأنهم متفرغون عما يشغلهم عن النظر إلى وجه الله وفي ضمن هذا تعليم من المسيح (عليه السلام) بأن الواجب على كل مكلف أن يلازم الطاعة ولا يشق عصاها فيشغل الملائكة الموكلين باحصاء ذنوبه عن عبادة الله التي هي النظر إلى وجهه، وهذا مسلم عند كافة الملل الكتابية إلا بولس ومن تابعه حيث إن عقيدته الاكتفاء بمجرد الايمان بألوهية المسيح وصلبه على تلك الهيئة الشنيعة، والصورة الفظيعة، وانه لهذه العقيدة يرث الحياة الأبدية بدون عمل فلذلك لا يحتاج لملائكة تكتب أعماله، لان الخطايا السابقة انغسلت بدم الاله في زعمه، واللاحقة يغفرها القس، فالمؤمن بزعمه كالبهيمة لا يؤاخذ بما يفعل.
(٦٣)