عن التناقض، والعجب كل العجب من يوحنا الذي شهد هذه المعجزة بنفسه وكان يكرز بالأناجيل الثلاثة مدة طويلة إلى نهاية القرن الأول، وقد اطلع على هذا التناقض في تلك المعجزة كيف يسكت عن ذلك وأهم وظائفه حفظ الدين بضبط أحوال المسيح؟ والمسيحيون كلهم يعلمون أنه هو التلميذ الذي كان يحبه المسيح ويتكئ على صدره وكيف يغفل عن ذكر هذه المعجزة في إنجيله وهي من أعظم ما يستدل بها على صدق دعوى المسيح؟ ولو صح الخبر بها فيكون الاغماض من يوحنا خيانة في الدين، ووقوع ذلك منه ممتنع، وإذا لم يكن لهذه الرواية من أثر فالإنجيليون الثلاثة إذا من الكاذبين.
ولو تأمل المسيحيون حق التأمل لارتضوا ان تكذيب الثلاثة، ورفض روايتهم هذه أولى من أن يجعلوا يوحنا من الخائنين. حيث أن مترجم متي غير معلوم وحاله مجهول فلا ثقة بما يرويه البتة، وعلى فرض صحة الترجمة فمتي نفسه أيضا لم يكن حاظرا ومشاهدا للمعجزة كما هو واضح من عبارة الأناجيل الثلاثة، وكذلك لوقا ومرقس، مع أنهما ليسا من الحواريين فلا ثقة بما يكتبانه.