واستغفر الله منه، وقال: سمعت رسول الله يقول: من زل فلينب، فأنا أول من اتعظ، فإذا نزلت فليأتني أشرافكم فليردوني برأيهم، فوالله لو ردني إلى الحق عبد لاتبعته، وما عن الله مذهب إلا إليه.
وسرعان ما نكث العهد، وجاء مستشاره مروان وقلب الأمر فلاذ الناس بعلي (عليه السلام) الضامن، فدخل على عثمان مغضبا فقال:
أما رضيت من مروان ولا رضى منك إلا بتحرفك عن دينك، وعن عقلك، مثل جمل الصعينة يقاد حيث يسار به، والله ما مروان بذي رأي، في دينه ولا نفسه، وأيم الله إني لأراه سيوردك ثم لا يصدرك، وما أنا عائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك أذهبت شرفك وغلبت على أمرك.
وقد خرج علي (عليه السلام) ودخلت عليه زوجته نائلة بنت القرافصة، وقالت: أتكلم أو أسكت؟ فقال: تكلمي، فقالت: قد سمعت قول علي لك وأنه ليس يعاودك وقد أطعت مروان، يقودك حيث شاء. قال: ما أصنع، قالت: تتقي الله وحده لا شريك له وتتبع سنة صاحبيك من قبلك، ثم أردفت: فإنك متى أطعت مروان قتلك، ومروان ليس له عند الناس قدر ولا هيبة، وإنما تركك الناس لمكان مروان فأرسل إلى علي فاستصلحه فإنه له قرابة منك وهو لا يعصى. قال: فأرسل عثمان إلى علي فأبى أن يأتيه، وقال: قد أعلمته أني لست بعائد. حتى ذهب عثمان إليه فلأمه علي على متابعة مروان بعد العهد في الكتابة والقول.
واشتد عليه الجميع حتى توسل إلى علي وبعد مشاورة نصحائه وأهل بيته.
وعاد علي ولامه ووثقه عثمان بما شاء، وعاد علي للناس ووثقهم واستمهل عثمان الناس ثلاثة أيام يفي لهم بما شاءوا. فأعطوه، فأخذ يتأهب بالعدة والعدد، ومضت الأيام ولم يف بأي وعد، بل وجدوا غلامه يحمل كتابه إلى واليه في مصر بعكس ما أعطاهم، وهو الفتك بمن جاءه وقطع دابر المتظلمين، وأقر كتابه وعبده