بكر وأبو عبيدة الجراح، وتركوا المغيرة، الذي حرضهم على اغتصاب الخلافة في قريش عينا ورقيبا على دار رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وعندها سكت عمر عن توعده، ودخل سقيفة بني ساعدة مجدا قبل فوات الفرصة وإفشاء السر الذي جمعهم هناك.
ولم يكن عمر من الغباوة والجهل بموت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنه حقا كان يرجع من ربه فيقطع أيدي وأرجل قوم، وأي قوم يريد عمر؟ وهل هناك أشد منه أظهر مخالفة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذه الآونة القصيرة والتظاهر العلن بالخصومة والفتنة والخروج عن أوامر الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) والتحريض على إحباط حملة أسامة، والتخلف عن تجهيزها، وتقبل اللعن، ثم حضوره يوم الخميس لترصد الحوادث، ويمنع ما يمنع بكيده، حتى يمنع العهد الذي أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتابته إلى خليفته ووصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام).
وليلا وقد أدلى أفراد حزبه بالتفرقة بين الأنصار، الأوس والخزرج على نصب خليفة كل ضد الآخر، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) مسجى وحوله بنو هاشم لتجهيزه وتكفينه، وكل ذلك لا يغرب عن عمر، وبعدها يهدد من قال إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد مات، لأن أبي بكر لم يحضر بعد، وقد حضر وحل السقيفة، وشدد الفتنة بين الأنصار، وإذا بأبي بكر يقوم بضربته الخاطفة، وخصم النزاع الذي أقامه لهذه الساعة وحضر له أعوانه.
ويقول لأبي عبيدة مد يدك لأبايعك. ومن هو أبو عبيدة سوى حفار للقبور، دخل في زمرة الصحابة، وحضر نوادي الخمرة مع أبي بكر وعمر وانحاز لهما سرا، وما أسرع أن نجد عمر يجر يد أبي بكر الذي تعاهد معه لمثل هذه اللحظة، يجر يده ويبايعه ويبايعه أبو عبيدة، ثم تلاهما خصوم الخزرج من الأوس، ويتلوهم خصوم رئيس الخزرج وابن عمه من الخزرج.