عليهم السلام كلمات بليغة عميقة، وكلماتهم عليهم السلام ذات أفق عال، مهما تعمق الفكر في غورها فإنما يصل إلى رشح من فياض فراتها! فقد قالوا إن إبراهيم صلى الله عليه وآله عبر أربع مراحل وامتحانات حتى وصل إلى الإمامة! قال الإمام الصادق عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا، وإن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا، وإن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا، وإن الله اتخذه خليلا قبل أن يجعله إماما، فلما جمع له الأشياء قال: إني جاعلك للناس إماما، قال فمن عظمها في عين إبراهيم قال: ومن ذريتي؟ قال: قال لا ينال عهدي الظالمين. قال: لا يكون السفيه إمام التقي! (الكافي: 1 / 175) (3) والإتخاذ الإلهي في مرحلة العبودية والنبوة والرسالة، والجعل الإلهي في مرحلة الإمامة، يحتاج إلى بحث مفصل! وكذلك درجات العبودية والنبوة والرسالة، وينبغي أن تتأملوا في التعبير في تركيبه ومادته وهيئته.
وقد ورد في تعليل اتخاذ الله لإبراهيم خليلا أنه لم يسأل مخلوقا قط! فكروا في هذا السمو الإنساني، وإلى أي درجة وصل هذا الشخص الثاني في سلسلة النبوة صلى الله عليه وآله وأنه في حياته لم يسأل أحدا إلا الله تعالى. هذا في تعامله مع الله تعالى، أما في تعامله مع الخلق، فلم يسأله أحد وقال له: لا!
إن كلام الإمام الصادق عليه السلام يعني أن إبراهيم صلى الله عليه وآله عندما تمت فيه جنبة تعامله مع الحق ومع الخلق، ووصل إلى تلك النقطة العالية من السمو، في ذلك الوقت قال له الله تعالى: إني جاعلك للناس إماما!
هذه هي الإمامة! فلا تنقصوا هذا المنصب الرباني قدره، ولا تخونوا السنن الإلهية، ولا تمدوا أيديكم إلى الأسرار الربوبية، وإن شهر رمضان شهر توضيح الإمامة للناس، وشهر تعريف الإمام للناس، فعرفوا الناس بمقام الإمامة العظيم!
هذا عن الإمامة، فمن هو ذلك الإمام الذي فصلت له هذه الحلة؟ أقرأ لكم