بقدر مبدأ أرضي عادي، حيث لا يعطي لكل أحد الحق في فهم نصوصه وتقديمها إلى الناس باسمه؟!
فما بالهم هونوا الإسلام وجعلوا تفسيره مشاعا لكل أحد، بلا ضوابط، ولا شروط، لا في التفسير، ولا في المفسر؟!!
إن من الفروق الأساسية بيننا وبين المذاهب السنية أن الاجتهاد الفقهي عندنا يبحث عن العلم و (الحجة القطعية) من الكتاب أو السنة أو العقل، إما على الحكم الشرعي مباشرة، أو على ما يجب عمله عند الشك في الحكم، فالفقيه دائما طالب علم وحجة قطعية، وليس طالب ظن واحتمال!
بينما يقوم منهج الاستنباط السني في مرحلته الأولى على طلب العلم بالحكم، فإن لم يحصل للمجتهد انتقل فورا إلى اجتهاد الرأي، وهو يعني اتباع الظن مهما كانت درجته نازلة! بل يعني الاكتفاء بالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة، وهي أقل من الظن، لأنها لا تفيد غالبا أكثر من الاحتمال!
ويترتب على هذا الفرق أمور عديدة، تؤكد ضرورة التخصص وصعوبة شروطه، وبالتالي مركزية الإجتهاد والأعلمية في المرجعية والتقليد.
ومن هنا، يتضح لنا ما فعله تعويم الإجتهاد في الأمة، وما ارتكبه مر وجوه من تقديم ظنونهم واحتمالاتهم إلى قرائهم وأتباعهم على أنها دين الله تعالى، ومفاهيمه وأحكامه! ويتضح لنا تأثير ذلك على فهم النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام، وأصول العقيدة، وتفاصيلها.
في اعتقادي أنه لابد لنا أن نضع حدا لأتباع الإجتهاد المصري في أوساطنا الشيعية، وأن نساعد المذاهب السنية على معالجة (بازار) الظنون والاحتمالات وندعو فقهاءهم إلى وضع ضوابط للاجتهاد، ووضع حد لأولئك المزدحمين في سوقه، والمتجهين إلى الدخول فيه بلا بضاعة!!