من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة.
قال محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه: فعدت إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه من الغد وأنا أقول في نفسي: أتراه ذكر ما ذكر لنا يوم أمس من عند نفسه؟ فابتدأني فقال لي: يا محمد بن إبراهيم، لأن يلقى بي من شاهق أو أخر من السماء فتخطفني الطير، أو تهوي بي الريح في مكان سحيق، أحب إلي من أن أقول في دين الله تعالى ذكره برأيي ومن عند نفسي، بل ذلك عن الأصل ومسموع من الحجة صلوات الله وسلامه عليه). انتهى.
قرأت هذه الرواية الشريفة وتأملت فيها، لأنها تعني أن غالبيتنا المطلقة نحن الكتاب الإسلاميين والدعاة المحترمين، عندما نحلل عقائد الإسلام وأحكامه ونصدر فيها أحكامنا، نفعل بأنفسنا أكثر من إلقائها من شاهق!!
نقول يريد الإسلام هذا الأمر، ولا يريد ذاك، ويقصد كذا ولا يقصد كذا، بغير علم إلا اتباع الظن والاستحسان، وتقليد الكتاب المصريين!!
رواية الصدوق صحيحة، ومنطقها قوي، ووقعها على المثقفين أثقل من الجبال! والسبب أنهم تعودوا أن يكتبوا في مسائل الدين بآرائهم، فهم أبناء الإجتهاد المصري ومدرسته الإخوانية، وأبناء عصر الإنسان الغربي الذي أعطى لنفسه الحق في تحليل الدين، بل في اختراع دين ودعوة الناس إليه!
لا أريد بذلك إلغاء دور العقل في فهم الدين وتحليله، لكني أريد (عقلنة) دور العقل، والوقوف به عند مدركاته القطعية فهي فقط الحجة الشرعية!
أريد من أتباع الإجتهاد المصري أن يريحوا الإسلام والمسلمين من ظنونهم واستحساناتهم، ويعترفوا بأن الإسلام العزيز عليهم، قد احترم نفسه