وقبل هذه الجملة وصف شخص الإمام بأنه: كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم وهي في الأفق، بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار. فشبهه بالشمس التي تجلل بنورها العالم ولا تصل إليها الأيدي، ولا إلى عمقها الأنظار. هذا كما في رواية الكافي وتحف العقول وغيبة النعماني ونسخة من معاني الأخبار، أما رواية عيون أخبار الرضا عليه السلام وغيرها من روايات الصدوق رحمه الله ففيها: كالشمس الطالعة بنورها للعالم، لكن العبارتين تصفان الإمام عليه السلام بأنه شمس تضئ على العالم وأنها في أفق سام، لا تناله الأيدي والأبصار!
وقد أردنا أن تكون هذه الصفة مقدمة لشرح صفة: الإمام واحد دهره، فالدهر في اصطلاح الفلاسفة أعم من الزمان لأنه وعاء المجردات، في مقابل الزمان الذي هو وعاء الماديات، وعلى هذا بنى المحقق الداماد رحمه الله مصطلحه عن الإمام: القدوس الدهري.
أما اللغويون فقد أطالوا بحث الفرق بين الدهر والزمان، وبعضهم قال بعدم الفرق، وبعضهم قال بأن الدهر أعم، وهو ما نرجحه.
على أنا يمكننا أن نفهم أن الإمام واحد الدهر، وليس الزمان بالدليل العقلي، فإن هذه المباحث برهانية لا تعبدية، وإن كانت مقدمات البرهان فيها عميقة ودقيقة، فكلما كانت المسألة مهمة أكثر، كانت مقدمات أدلتها أعمق وأدق!
إن الإمام عصارة خلقة الإنسان، وصورة الإنسان كما عن الإمام الصادق عليه السلام: أكبر حجج الله على خلقه وهي الهيكل الذي بناه بقدرته. (2) وقد استعمل الله سبحانه تعبير (تبارك) عن خلق الإنسان مرتين، مرة في غاية خلقه، ومرة فيما تنتهي اليه الغاية! قال الله تعالى: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم (سورة التين: 4)، وقال تعالى: ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة