والأمر الذي يحير العلماء والعقلاء أن الإمام الكاظم عليه السلام استخدم أسلوب النداء مع شئ غير قابل للنداء! فمن شروط المنادى أن تكون فيه قابلية النداء، أن يكون أسدا مثلا حتى يمكن نداؤه، بينما لم يكن أسدا ولا جسدا، بل عرضا على جوهر، ولونا بصورة أسد على ستارة، وقد صدر نداء الإمام عليه السلام إلى الأسد لا إلى صورته..
قبل حرف النداء (يا) لم يكن الأسد موجودا، وبحرف نداء فقط (يا) وجد وصار (أسد الله)، فسمع النداء وتلقى الأمر: (يا أسد الله خذ عدو الله)!
إن امتياز عمل موسى بن جعفر عن عمل موسى بن عمران أن ذات الحق القدوس عز وجل أمر موسى بإلقاء عصاه فقال له: (وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى). (طه: 69)، وعندما يقول الحق (ألق)، فمعلوم ماذا سيحدث.
والملقى هناك كانت العصا، وهي جسم ذو أبعاد ثلاثة، فظهرت بها تلك القدرة وأحدثت ذلك الحدث العظيم، وكان من تأثيرها كما روي أن فرعون وهامان لم يكن في رأسهما شعرة واحدة بيضاء، فما أن أخذ موسى عصاه حتى ابيض شعر رأسيهما فلم يبق فيهما شعرة سوداء! (راجع تفسير نور الثقلين: 4 / 52) أما القدرة هنا، فلا يمكن قياس صورة الستارة بالعصا، ولا إلقاء العصا بالنداء والأمر! فهناك كان القول قول الله تعالى جلت عظمته، وعندما يكون قوله تكون قدرته، وقد أجرى منها ما شاء على يد وليه موسى بن عمران!
أما هنا فكانت كلمة (يا) التي خلق الله بها بإذنه على يد وليه موسى بن جعفر جوهرا من عرض، فكان أسدا وقطع مراحل وجوده في لحظة، من نطفة الأسد إلى أشده وأقوى قوته!