ومماثلة. فإنك تجد أكثر الناس يجرون أمورهم على هذا الحسبان والظن).
يقول جابر (.. وبالجملة فليس لأحد أن يدعي أنه ليس في الغائب إلا مثل ما شاهد... إنما ينبغي له أن يتوقف حتى يشهد البرهان بوجوده من عدمه). فهو ينقد القياس من الناحية المنطقية أو الرياضية ليترك المجال مفتوحا للحقائق القاطعة التي تثبت بالتجارب. وحسبك دليلا على دقة طريقة التدليل بآثار الأشياء، أن تجدها إحدى المسلمات في المعامل والجامعات، في القارات جميعا منذ بدأ الأخذ بطريقة التجربة والإستخلاص حتى اليوم. وستبقى أبدا.
وعندما توضع أقوال جابر في القرن الثاني للهجرة إلى جوار أقوال الحسن بن الهيثم (354 - 430) بعد أكثر من قرنين، وقد عمل في خدمة الدولة الفاطمية، وهي دولة من دول الشيعة، وله 47 كتابا في الرياضيات و 58 كتابا في الهندسة، تتأكد لنا طريقة التجربة والإستخلاص التي سلكها الإمام الصادق وأتقن العمل بها، ووصفها جابر والحسن. وقد أحسن الحسن التعبير عنها بمنهج علمي واضح الفحوى محدد العبارات.
ويشهد بها من أهل أوربة درايير في كتابه (النزاع بين العلم والدين) فيقول: كان الأسلوب الذي توخاه المسلمون سبب تفوقهم في العلم، فإنهم تحققوا أن الأسلوب النظري لا يؤدي إلى التقدم، وأن الأمل في معرفة الحقيقة معقود بمشاهدة الحوادث ذاتها. ومن هنا كان شعارهم في أبحاثهم هو: الأسلوب التجريبي. وهذا الأسلوب هو الذي أرشدهم إلى اكتشاف علم الجبر وغيره من علوم الرياضة والحياة. وإننا لندهش حينما نرى في مؤلفاتهم من الآراء العلمية ما كنا نظنه من ثمرات العلم في هذا العصر.....
والقارئ يلاحظ في هذا المقام أمورا، منها: الأول: أن جابرا يقرر إذ يقسم بالإمام، استرشاده في طريقته هذه به، وأن علمه منه هو سبب توفيقه).
وقال في هامشه: (راجع مقدمة كتاب الدكتور مصطفى نظيف. مدير جامعة عين شمس بالقاهرة عن الحسن بن الحسن الهيثم البصري، أكبر عالم في الرياضيات والطبيعة في العصور الوسطى).
* *