أهل الشام عن شئ يريدون بعدوهم، فسار بجيوشه من أهل الشام فأخاف المدينة واستباحها ثلاثة أيام بكل قبيح، وافتضت فيها نحو ثلاثمائة بكر، وولدت فيها أكثر من ألف امرأة من غير زوج، وسماها نتنة وقد سماها رسول الله صلى الله عليه وآله طيبة، وقتل فيها من قريش والأنصار والصحابة وأبنائهم نحو من ألف وسبعمائة وقتل أكثر من أربعة آلاف من سائر الناس، وبايع المسلمين على أنهم عبيد ليزيد! ومن أبى ذلك أمره مسلم على السيف! إلى غبر ذلك من المنكرات!
قال المحدث الفقيه ابن قتيبة رحمه الله في كتاب الإمامة والسياسة، والبيهقي في المحاسن والمساوي، واللفظ للأول قال: أبو معشر دخل رجل من أهل الشام على امرأة نفساء من نساء الأنصار ومعها صبي لها، فقال لها: هل من مال؟ قالت: لا والله ما تركوا لي شيئا، فقال: والله لتخرجن إلي شيئا أو لأقتلنك وصبيك هذا! فقالت له: ويحك إنه ولد أبي كبشة الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله، ولقد بايعت رسول الله يوم بيعة الشجرة على أن لا أسرق ولا أزني، ولا أقتل ولدي، ولا آتي ببهتان أفتريه، فما أتيت شيئا، فاتق الله! ثم قالت له: يا بني والله لو كان عندي شئ لافتديك به! قال فأخذ برجل الصبي والثدي في فمه فجذبه من حجرها فضرب به الحائط فانتشر دماغه في الأرض! قال فلم يخرج من البيت حتى اسود نصف وجهه وصار مثلا.
وأمثال هذه من أهل الشام ومن مسلم نفسه كثيرة، فمسلم في هذا كله منفذ لأمر يزيد، ويزيد منفذ لأمر معاوية! فكل هذه الدماء وكل هذه المنكرات الموبقات ودم الحسين عليه السلام ومن معه في عنق معاوية أولا، ثم في عنق يزيد ثانيا، ثم في عنق مسلم وابن زياد ثالثا، أفبعد هذا يتصور أن يقال لعله تاب ورجع؟! كلا والله، ولقد صدق من قال: أبقى لنا معاوية في كل عصر فئة باغية، فهاهم أشياعه وأنصاره إلى يومنا هذا يقلبون الحقائق ويلبسون الحق بالباطل! (ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا).
أخرج مسلم في صحيحه: (من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين). انتهى.
* *