عبارة: (كنت ألتقطه) في رواياتهم التي صححوها وهي تعبير فيه رمز عجيب! لأن مادة التقط تستعمل في اللغة لالتقاط الضائع، وجمع المتفرق المنثور من سلكه ومجمعه، فماذا يعني دم الحسين وأصحابه؟ ولماذا يجمع النبي صلى الله عليه وآله دم الحسين عليه السلام، وكيف يمكن جمعه؟ ولماذا عبر عن جمعه بالإلتقاط، ولماذا قام هو بالإلتقاط؟ والى أين يريد أن يأخذ دمهم الطاهر المسفوك؟
الجواب عن هذا السؤال الأخير بكلمة عجيبة، نقلها هذا العالم السني الكبير والمؤرخ ابن الأثير ونقلها غيره أيضا، لكن لا أظنهم فقهوا معناها قال:
(قال النبي صلى الله عليه وآله: أرفعها إلى الله تعالى)! يعني أن هذه الدماء لا تذهب إلى الجنة ولا إلى اللوح ولا إلى القلم، فمكانها أرفع من ذلك! دم الحسين، ومعه دم العباس قمر بني هاشم، ودم علي الأكبر، ودم القاسم بن الحسن، وبقية الأنصار، لا بد أن يسلمها النبي صلى الله عليه وآله بيده إلى حيث تصل إلى خالقها عز وجل الذي هو مبدأ الوجود والخلق! فما معنى ذلك، وما هو فقهه؟
خلاصة معناه أن النبي صلى الله عليه وآله يقول لنا: أيها البشر، إن الشجرة التي غرستها ببعثتي إليكم، قد أزهرت وأثمرت، وها أنا أجمع زهورها وثمارها لأسلمها إلى الله تعالى!
هذه هي عاشوراء، فلا تصغروا قدر هذه الواقعة الكبرى. اتقوا الله تعالى ومحارمه وشعائره، واحذروا العقاب إن صغرتم شأنها!
إن قضية الحسين وعاشوراء قضية عظيمة، إلى حد أن أبي بن كعب كان عند النبي صلى الله عليه وآله عندما دخل عليه الحسين، فرحب به النبي صلى الله عليه وآله وقال له: مرحبا بك يا أبا عبد الله يا زين السماوات والأرضين! فتعجب أبي من احترام النبي لهذا