لكن هذا ليس عجيبا على الشخص الأول في الوجود، والنقطة الأولى في قوس النزول، والنقطة العليا في قوس الصعود!
بل هو عجيب على ابنته الزهراء عليها السلام التي لم تبلغ ثمانية عشر عاما، وقد سلكت خط أبيها، ووقفت في محرابها تصلي لربها وتعبده، حتى تورمت قدماها كأبيها، فكانت شريكة له في سورة (طه)!
إنها ملحمة العبودية لله في هذا البيت، فقد كانت فاطمة مستغرقة في ذات الله، مندكة في عظمته وجلاله. وكانت في هذه النشأة في سباق في معرفة الله تعالى وعبادته، ونسخة عن أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله في شبابه! (4) والآن يمكننا أن نفكر لماذا تشترك الزهراء مع أبيها يوم القيامة في فضيلة لا يشاركهما فيها غيرهما، فعندما يتم حشر الناس وحسابهم ويؤتى بالبراق للنبي صلى الله عليه وآله للذهاب إلى الجنة، يتقدم أمامه موكب واحد، هو موكب فاطمة الزهراء عليها السلام!! (5) ونفهم لماذا عندما تدخل فاطمة الجنة، يزورها الأنبياء عليهم السلام من آدم فما دونه، يزورها نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، ويزورها رسول الله صلى الله عليه وآله، ولذلك تفسير لا يتسع له المقام!
ويمكننا أن نفهم لماذا خصها الله بالذكر في بشارة الأنبياء السابقين بخاتم أنبيائه صلى الله عليه وآله: (أوحى الله تعالى إلى عيسى جد في أمري ولا تترك، إني خلقتك من غير فحل آية للعالمين، أخبرهم: آمنوا بي، وبرسولي النبي الأمي، نسله من مباركة هي مع أمك في الجنة، طوبى لمن سمع كلامه، وأدرك زمانه، وشهد أيامه). (الخرائج والجرائح: 2 / 950) ونفهم معنى أنها ليلة القدر: (عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: (إنا أنزلناه في