فالتي قال الله عنها وعن أسرتها في كتابه: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) (الانسان: 8 - 9) والتي تصوم مع أطفالها ثلاثة أيام وتمنع اللقمة عن فمهم فيطعمونها للمسكين واليتيم والأسير.. لا تركض وراء مال الدنيا!
إنما يتصور ذلك خفاف العقول! وقد آن لهم أن يستيقظوا من نومهم ويفكروا ماذا جرى، ويعرفوا أي تاريخ محمل بالعار حرف مسيرة الأمة الإسلامية وأوصلها إلى هذه المهاوي التي نراها اليوم؟!
إنما كانت مطالبة الزهراء عليها السلام بفدك إيقاظا للأمة، لتثبت لهم أن هؤلاء الذين سيطروا على الحكم يأكلون الحق الواضح لبنت النبي صلى الله عليه وآله وينكرونه، فماذا سيفعلون في حقوق الأمة غدا؟!
كانت غصتها أن الذي يجلس مكان النبي صلى الله عليه وآله اليوم لا يعرف مسألة إرث الجدة، ويدعي أن الأنبياء عليهم السلام مستثنون من أحكام الشريعة!
وغدا سيجلس مكان النبي عمر بن الخطاب، وهو لا يعرف حكم التيمم! وبعده سيجلس أمثال الوليد بن عبد الملك، ثم هارون والمأمون! ثم يتقاتلون على كرسي النبي صلى الله عليه وآله ويسفكون دماء الأمة، والأمة تسير بهم في الضلال والضعف والتفكك، حتى تنهار!!
هذه غصة فاطمة عليها السلام، وليست مزرعة فدك! غصتها أنهم بفعلهم وبأساسهم الذي أسسوه، يبطلون الهدف من بعثة الأنبياء عليهم السلام!
إن الذي صدع قلب الصديقة الزهراء عليها السلام وقتلها، أنها لم تستطع أن تشكو مرارتها وغصتها إلى عامة الأمة، وتجعلهم يستوعبون ما حدث! لكنها قالت لأبي بكر وعمر في نفسيهما قولا بليغا! وقالت لهما في آخر حياتها عندما