لا بد من التفكير في مثل هذه الحقائق التي رواها الجميع، في أمثال هذه الأحاديث وذلك السلوك النبوي مع الصديقة الكبرى فاطمة عليها السلام فقد كان آخر من يودعه النبي صلى الله عليه وآله في المدينة فاطمة، وأول من يزوره إذا رجع من سفره فاطمة! (كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين، ثم يثني بفاطمة ثم يأتي أزواجه، وفي لفظ: ثم بدأ ببيت فاطمة، ثم أتى بيوت نسائه) (فتح الباري: 8 / 89، المعجم الكبير للطبراني: 22 / 225)، وكان يشمها ويقبلها ويقول أشم منها رائحة الجنة (فاطمة حوراء إنسية، فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة). (أمالي الصدوق ص 546) إن هذا السلوك فضلا عن أنه عاطفة أبوية، له دلالته النبوية على مقام الصديقة الزهراء عليها السلام ومقامها عند الله تعالى!
فليس أمرا بسيطا من سيد الخلق وأقربهم إلى الله تعالى صلى الله عليه وآله، الذي يقبل سيد الملائكة جبرئيل غبار قدميه، أن يقبل ابنته فاطمة، ويشم منها رائحة الجنة!
وليس أمرا بسيطا أن تكون أول شخص يدخل الجنة، لا بمعنى أن النبي صلى الله عليه وآله يرسلها أمامه إلى الجنة، بل لأن الله تعالى يريد أن يري أهل المحشر من الأولين والآخرين أني عندما أنزلت على عبدي محمد (طه. ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) فإن فاطمة التي هي بضعة من أبيها كانت شريكة في هذه السورة لأنها كانت شريكة لأبيها في عبادتي، ووقفت مثله في محرابها بين يدي حتى تورمت قدماها! فقد روت مصادرهم كالسيوطي في الدر المنثور: 6 / 361 قال: (وأخرج العسكري في المواعظ وابن مردويه وابن الدلال وابن النجار عن جابر بن عبد الله قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فاطمة وهي تطحن بالرحى وعليها كساء من وبر الإبل، فلما نظر إليها قال: