يعني دخول النبي الجنة! فهي كالشخص الأول في الوجود خلقا وخلقا ومنطقا، وسيرة وعلما وعملا! ألم يرووا عن عائشة أنها قالت: (فأقبلت فاطمة تمشي، لا والله ما تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وآله فلما رآها رحب قال مرحبا بابنتي ثم أجلسها عن يمينه) (البخاري: 7 / 141) (5) ألم يرووا عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني! (البخاري: 4 / 210) فما المانع أن يعطي الله ورسوله هذا المقام لبضعة النبي المباركة، ويكون افتتاح جنة الخلد بدخولها إليها؟!
وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق: 13 / 334، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (تحشر ابنتي فاطمة وعليها حلة الكرامة، قد عجنت بماء الحيوان، فينظر الخلائق إليها فيتعجبون منها، وتكسى أيضا ألف حلة من حلل الجنة، مكتوب على كل حلة منها بخط أخضر: أدخلوا ابنة نبيي الجنة على أحسن صورة، وأحسن الكرامة، وأحسن المنظر، فتزف كما تزف العروس وتتوج بتاج العز، ويكون معها سبعون ألف جارية). ورواه الطبري في دلائل الإمامة ص 155، والخوارزمي في مقتل الحسين: 1 / 52، وغيرهم، والصدوق في عيون أخبار الرضا: 2 / 30 - 38).
فما هي حلة الكرامة، وما معنى أنها معجونة بماء الحياة؟! هذا بحث له مكانه، ونكتفي هنا بالإشارة إلى كلمات وردت في هذا الحديث:
أدخلوا ابنة نبيي الجنة على أحسن صورة.. ونظام العدل في الوجود يقضي أن لا تعطى أحسن صورة لإنسان إلا إذا كان عمله أحسن عمل لله تعالى، فلا بد أن يكون في الكمال العلمي أحسن العلماء، وفي الكمال العملي أحسن المتخلقين بالفضائل، فإن دقة القانون الإلهي تقول: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) (سورة الزلزلة: 7 - 8) في مثل ذلك اليوم العظيم، وذلك المشهد العظيم، لا يمكن أن يكون الإنسان الذي يضع قدمه مكان قدم سيد المرسلين صلى الله عليه وآله ويدخل أولا إلى الجنة إلا إنسانا فريدا، فالأمور عند الله تعالى تخضع لحساب وكتاب!!