فقال عمر: يا كعب، هل عندك من هذا علم؟
فقال كعب: نعم يا أمير المؤمنين، نجد في الأصل الحكيم أن الله تبارك وتعالى كان قديما قبل خلق العرش، وكان على صخرة بيت المقدس في الهواء ، فلما أراد أن يخلق عرشه تفل تفلة كانت منها البحار الغامرة واللجج الدائرة، فهناك خلق عرشه من بعض الصخرة التي كانت تحته، وآخر ما بقي منها لمسجد قدسه!
قال ابن عباس: وكان علي بن أبي طالب عليه السلام حاضرا، فعظم علي ربه، وقام على قدميه، ونفض ثيابه!
فأقسم عليه عمر لما عاد إلى مجلسه، ففعله.
قال عمر: غص عليها يا غواص، ما تقول يا أبا الحسن، فما علمتك إلا مفرجا للغم.
فالتفت علي عليه السلام إلى كعب، فقال: غلط أصحابك، وحرفوا كتب الله وفتحوا الفرية عليه!!
يا كعب ويحك! إن الصخرة التي زعمت لا تحوي جلاله ولا تسع عظمته، والهواء الذي ذكرت لا يحوز أقطاره، ولو كانت الصخرة والهواء قديمين معه لكان لهما قدمته، وعز الله وجل أن يقال له مكان يومي إليه، والله ليس كما يقول الملحدون ولا كما يظن الجاهلون، ولكن كان ولا مكان، بحيث لا تبلغه الأذهان، وقولي: (كان) عجز عن كونه، وهو مما علم من البيان، يقول الله عز وجل: (خلق الإنسان علمه البيان)، فقولي له: (كان) ما علمني من البيان لأنطق بحججه وعظمته، وكان ولم يزل ربنا مقتدرا على ما يشاء، محيطا بكل الأشياء، ثم كون ما أراد بلا فكرة حادثة له أصاب، ولا