ويخرج الطالب بعد هذه التربية يظن أنه وطائفته وارثو الحق المطلق، وأما من سواهم ففي ضلال بعيد، ويرى هذا الطالب في نفسه أنه بلغ مرتبة العلم والاجتهاد.
كيف لا؟ وهو يعرف حجج مذهبه أتم معرفة، ويعرف كيف يناضل عنها، ويعرف أيضا (شبه) خصومه، ويعرف كيف يجيب عنها.
ولكنه للأسف لا يعلم أنه لا يعلم شيئا، فلا حجج مذهبه درسها بإنصاف، وبعد عن هالة التعظيم التي أحاطها بها مشايخ مذهبه، ولا (شبه) خصومه قرأها بإنصاف وعدل حتى ينظر إن كان يقدر على الإجابة عنها أو لا، وهو يرى في نفسه أنه ليس في حاجة إلى قراءة كتب (المبتدعة) لأن حججهم استوفى ذكرها علماء مذهبه، وهم أهل الإنصاف والعدل والصدق والتقوى والفهم، فلن يميلوا على خصومهم، وأيضا فإن (الشبه خطافة، والقلوب ضعيفة)!
وهو قبل ذلك وبعده يعيش حالة (برمجة) يقوم فيها بالدفاع عن مذهبه، لا الحق ويبحث عن حجج تؤيد مذهبه، لا الحق. وعن حجج للرد على خصومه، لا الباطل.
والتعلم على وسائل مغالطة الخصوم إذا أحكموا الحجة عليه عند النقاش، لا التسليم للحق واتباعه. ويظن مع ذلك أنه يحسن عملا.
لكن المذاهب تختلف عن بعضها في أساليب التقليد، وترسيخ مفهومه عند أتباعها، ولا بأس من ذكر أمثلة على ذلك:
1 - (أهل السنة والحديث): وعندهم يظهر التقليد جليا، لا سيما وهم لا يرضون أن يفهم أحد الكتاب والسنة إلا على ضوء فهم (السلف)، وطرقهم في ترسيخ التقليد كثيرة، فمن ذلك: