صفة ذات، ثم لما أثبتوا أنها صفات قالوا لا نحملها على توجيه اللغة، مثل اليد على النعمة والقدرة، ولا المجئ والإتيان على معاني البر واللطف، ولا الساق على الشدة، بل قالوا نحملها على ظواهرها المتعارفة، والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين! والشئ إنما يحمل على حقيقته إن أمكن، فإن صرف صارف حمل على المجاز. ثم يتحرجون من التشبيه ويأنفون من إضافته إليهم ويقولون:
نحن أهل السنة!! وكلامهم صريح في التشبيه، وقد تبعهم خلق من العوام، وقد نصحت التابع والمتبوع وقلت: يا أصحابنا أنتم أصحاب نقل واتباع، وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل يقول وهو تحت السياط: كيف أقول ما لم يقل، فإياكم أن تبتدعوا من مذهبه ما ليس منه. ثم قلتم في الأحاديث:
تحمل على ظاهرها، فظاهر القدم الجارحة، ومن قال: استوى بذاته المقدسة فقد أجراه سبحانه مجرى الحسيات، وينبغي ألا يهمل ما يثبت به الأصل وهو العقل، فإنا به عرفنا الله تعالى وحكمنا له بالقدم، فلو أنكم قلتم نقرأ الأحاديث ونسكت ما أنكر أحد عليكم، وإنما حملكم إياه على الظاهر قبيح فلا تدخلوا في مذهب هذا الرجل السلفي ما ليس فيه!).
وقال ابن الجوزي في بيان بطلان ما اعتمدوا عليه من أقوال... ولقد قال ذلك القول الذي ينقده ابن الجوزي القاضي، أبو يعلى الفقيه الحنبلي المشهور المتوفى سنة 457 وكان مثار نقد شديد وجه إليه، حتى لقد قال فيه بعض فقهاء الحنابلة: (لقد شان أبو يعلى الحنابلة شينا لا يغسله ماء البحار)!!!
وقال مثل ذلك القول من الحنابلة: ابن الزاغوني المتوفى سنة 527، وقال فيه بعض الحنابلة أيضا: (إن في قوله من غرائب التشبيه ما يحار فيه النبيه).