ومنهم العلامة الشبلنجي في " نور الأبصار " (ص 160 ط المطبعة الشعبية بمصر) قال:
عن هرثمة بن أعين - وكان من خدم الخليفة عبد الله المأمون وكان قائما بخدمة الرضا - قال: طلبني سيدي أبو الحسن الرضا في يوم من الأيام وقال لي: يا هرثمة إني مطلعك على أمر يكون سرا عندك لا تظهره لأحد مدة حياتي، فإن أظهرته حال حياتي كنت خصما لك عند الله. فحلفت له أني لا أتفوه بما يقوله لي لأحد مدة حياته.
فقال لي: اعلم يا هرثمة أنه قد دنا رحيلي ولحوقي بآبائي وأجدادي، وقد بلغ الكتاب أجله وإني أطعم عنبا ورمانا مفتوتا فأموت، ويقصد الخليفة أن يجعل قبري خلف قبر أبيه هارون الرشيد وإن الله لم يقدره على ذلك وأن الأرض تشتد عليهم فلا تعمل فيها المعاول ولا يستطيعون حفرها. فاعلم يا هرثمة أن مدفني في الجهة الفلانية من اللحد الفلاني لموضع عينه لي، فإذا أنامت وجهزت فأعلمه بجميع ما قلت لك لتكونوا على بصيرة من أمري وقل له: إذا أنا وضعت في نعشي وأرادوا الصلاة علي فلا يصل علي وليتأن قليلا يأتكم رجل عربي متلثم على ناقة له مسرع من جهة الصحراء فينيخ ناقته وينزل عنها ويصلي علي فصلوا معه علي.
فإذا فرغتم من الصلاة علي وحملت إلى مدفني الذي عينته لك فاحفر شيئا يسيرا من وجه الأرض تجد قبرا مطبقا معمورا في قعره ماء أبيض، فإذا كشفت عنه الطبقات نضب الماء فهذا مدفني فادفني فيه. الله الله يأمر ثمة أن تخبر بهذا.
قال هرثمة: فوالله ما طالت أيامه حتى أكل الرضا عند الخليفة عنبا ورمانا فمات عن أبي الصلت الهروي قال: دخلت على علي الرضا وقد خرج من عند المأمون فقال: يا أبا الصلت قد فعلوها، وجعل يوحد الله ويمجده، فأقام يومين ومات في اليوم الثالث.