فكره في طلبه والتماسه في أهل بيته من ولد عبد الله بن عباس وعلي بن أبي طالب، مقتصرا ممن علم حاله ومذهبه منهم على علمه وبالغا في المسألة ممن خفي عليه منهم جهده وطاقته، حتى استقصى أمورهم معرفة وابتلى أخبارهم مشاهدة واستبرئ أحوالهم معاينة وكشف ما عندهم مسألة، وكانت خيرته بعد استخارته الله تعالى وإجهاده نفسه في قضائه حقه في عباده وبلاده في الفئتين جميعا عليا الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، لما رأى من فضله البارع وعلمه الرائع وورعه الشائع وزهده الخالص النافع وتخليه من الدنيا وتفرده عن الناس، وقد استسأل له ما لم تزل الأخبار عليه منطبقة والألسن عليه متفقة والكلمة فيه جامعة والأخبار واسعة، ولما لم يزل يعرف به من الفضل يافعا وناشئا وحدثا وكهلا فلذلك عقد له بالعهد الخلافة من بعده، واثقا بخيرة الله تعالى في ذلك إذ علم الله أن فعله إيثار له وللدين ونظر للاسلام والمسلمين طلبا للسلامة وثبات الحجة والنجاح في اليوم الذي يقوم الناس فيه لرب العالمين، ودعا أمير المؤمنين ولده وأهل بيته وخاصته وقواده وخدمه، فبايعوه الكل مطيعين مسارعين مسرورين عالمين بإيثار أمير المؤمنين طاعة الله على الهوى في ولده وغيره ممن هو أسبق رحما وأقرب قرابة، وسماه الرضا إذ كان رضيا عند الله تعالى وعند الناس، وقد آثر طاعة الله تعالى والنظر لنفسه وللمسلمين، والحمد لله رب العالمين. كتبه بيده عبد الله المأمون في يوم الاثنين لسبع خلون من شهر رمضان المعظم قدره سنة إحدى ومائتين ".
وزوجه المأمون ابنته أم حبيب في أول سنة اثنتين ومائتين والمأمون متوجه إلى العراق.
وكانت وفاة علي الرضا بطوس من خراسان في أواخر صفر سنة ثلاث ومائتين، وله من العمر خمس وخمسون سنة وله من الأولاد خمسة ذكور وبنت.