منازلهم، ثم وضعت موائد الحلواء فأكل الحاضرون وفرقت عليهم الجوائز على قدر رتبهم، ثم انصرف الناس، وتقدم المأمون بالصدقة على الفقراء والمساكين وأهل الأربطة والخوانيق والمدارس، ولم يزل عنده محمد الجواد معظما مكرما إلى أن توجه بزوجته أم الفضل إلى المدينة الشريفة.
روي أن أم الفضل بعد توجهها مع زوجها إلى المدينة كتبت إلى أبيها المأمون تشكو أبا جعفر وتقول إنه يتسرى علي، فكتب إليها أبوها يقول: يا بنية إنا لم نزوجك أبا جعفر لتحرمي عليه حلالا فلا تعاوديني بذكر شئ مما ذكرت.
(كراماته) (الأولى) عن أبي خالد قال: كنت بالعسكر فبلغني أن هناك رجلا محبوسا أتي به من الشام مكبلا بالحديد وقالوا: إنه تنبأ. قال فأتيت باب السجن ودفعت شيئا للسجان حتى دخلت عليه فإذا رجل ذو فهم وعقل ولب فقلت: يا هذا ما قصتك؟ فقال: إني كنت رجلا بالشام أ عبد الله تعالى في الموضع الذي يقال أنه نصب فيه رأس الحسين، فبينما أنا ذات ليلة في موضعي مقبلا على المحراب أذكر الله تعالى إذ رأيت شخصا بين يدي، فنظرت إليه فقال لي:
قم، فقمت معه فمشى قليلا فإذا أنا في مسجد الكوفة، فقال لي: تعرف هذا المسجد؟ فقلت: نعم هذا مسجد الكوفة. قال: فصل، فصليت معه ثم انصرف فانصرفت معه قليلا فإذا نحن بمكة المشرفة، فطاف بالبيت فطفت معه، ثم خرج فخرجت معه فمشى قليلا فإذا أنا بموضعي الذي كنت فيه أ عبد الله تعالى بالشام.
ثم غاب عني فبقيت متعجبا حولا مما رأيت، فلما كان العام المقبل إذ ذاك الشخص قد أقبل علي فاستبشرت به، فداعاني فأجبت، ففعل معي كما فعل في العام الماضي، فلما أراد مفارقتي قلت له: بحق الذي أقدرك على ما رأيت منك إلا ما أخبرتني من أنت. فقال: أنا محمد بن علي الرضا بن موسى بن جعفر،