وهذه القصة من طرق ثلاثة ذكروها.
وعن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي قال: قدمت المدينة ومكة لطلب صاحب الزمان، فبينا أنا في الطواف قال لي رجل أسمر اللون: من أي البلاد أنت؟
قلت من الأهواز. قال: أتعرف إبراهيم بن مهزيار. قلت: أنا هو. فعانقني فقلت له: هل تعرف من أخبار صاحب الزمان؟ قال لي: فارتحل معي إلى الطائف في خفية من أصحابك، فمشينا إلى الطائف من رملة إلى رملة حتى وصلنا إلى الفلاة، فبدت لنا خيمة قد أشرقت بها الرمال وتلألأت بها تلك البقاع، ثم أسرعنا حتى وصلنا إليها، فبالإذن دخلت على صاحب الزمان عليه السلام قال لي: مرحبا بك يا أبا إسحق. فقلت: بأبي وأمي ما زلت أتفحص عن أمرك بلدا فبلدا حتى من الله علي بمن أرشدني إليك. ثم قال: يا أبا إسحق ليكن هذا المجلس مكتوما عندك.
قال إبراهيم: فمكثت عنده حينا اقتبس منه موضحات الأعلام ونيرات الأحكام، فأذن لي في الرجوع إلى الأهواز وأردفني من صالح دعائه ما يكون ذخرا عند الله لي ولعقبي وقرابتي، وعرضت عليه ما لا كان معي يزيد على خمسين ألف درهم وسألته أن يتفضل بقبوله. فتبسم وقال: يا أبا إسحق استعن به على منصرفك ولا تحزن لإعراضنا عنه، وبارك الله فيما خولك وأدام لك ما حولك وكتب لك أحسن ثواب المحسنين، واستودعه نفسك وديعة لا تضيع بمنه ولطفه إن شاء الله تعالى.