للشريعة، بل عمل بالشريعة نفسها، على شريطة أن تقدر الضرورة بقدرها، فيكتفي المضطر. بما يدفع عنه الضرورة والضيق، وبارتفاع الضرورة يرتفع المسوغ الشرعي والعقلي، ويبقى الشئ على حكمه الأول، ويكون التعدي بغيا وعدونا " فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ". " فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم ". " وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ".
معنى الاضطرار:
ليس للاضطرار ضابط خاص يرجع إليه الفقيه، وإنما يختلف باختلاف الأشخاص، والعوامل الخارجية، والدوافع النفسية، فرب حالة تعد اضطرارا بالقياس إلى إنسان دون غيره، بل رب حالة تكون اضطرارا لانسان في مورد ولا تكون اضطرارا له في مورد آخر، ولذا قيل: لكل مقام مقال، ولكل سؤال جواب، ولكل حادث حديث.
وعلى أي الأحوال فليس معن الاضطرار - في مقامنا هذا - أن يكون الإنسان مجبرا على الفعل، على نحو لا يكون له معه مندوحة إلى الترك، فإن الفعل - والحالة هذه - لا يتصف بحسن أو قبح، ولا يحكم عليه بحل أو تحريم، لأنه خارج عن القدرة والاختيار، وإنما المقصود من الاضطرار أن يكون الإنسان قادرا على الفعل والترك معا، ولكنه يختار الفعل لعامل خارجي أو دافع نفسي، كمن لا يملك إلا ثوبا واحدا يتستر به، فاضطره الجوع إلى بيعه، ليشتري بثمنه رغيفا يسد رمقه، ويقيم أوده.
وقد ذكر الفقهاء أسبابا تخفف على المجرم عقاب الجريمة، وأعذارا تعفي المضطر من كل عقاب، غير أنهم لم ينظموها في مبحث واحد، بل جاءت متفرقة في أبواب الفقه هنا وهناك، ولو جمعت لكانت كتابا مستقلا.
أسباب التخفيف:
ومن أسباب التخفيف التي ذكرها الفقهاء: أن الزاني إذا كان أعزب أو متزوجا يتعذر عليه الوصول إلى زوجته لمرض أو سفر فعقابه الجلد دون الرجم،