فلم يلبث الغلام، حيت جاء بالسفط، ووضعه بين يدي الرشيد. ففتح الرشيد السفط، ونظر إلى الدراعة كما هي فسكن غضبه، وقال لعلي: ارددها إلى مكانها، وانصرف راشدا، فلن أصدق عليك بعدها ساعيا، وأمر له بجائزة سنية ثم أمر أن يضرب الساعي ألف سوط، فضرب 500، ومات قبل إكمال الألف.
مع الرشيد:
وللإمام الكاظم مع هارون الرشيد أخبار كثيرة وطويلة ذكرها الشيخ الصدوق في " عيون أخبار الرضا " منها أن الرشيد قال له: كيف جوزتم للناس أن ينسبوكم إلى رسول الله، ويقولوا لكم: يا أبناء رسول الله، وأنتم بنو علي، وإنما ينسب المرء إلى أبيه، لا إلى أمه؟!
فقال له الإمام: لو أن النبي نشر، وخطب إليك كريمتك، هل كنت تجيبه؟.
قال الرشيد: سبحان الله وكيف لا أجيبه؟.
قال الإمام: ولكنه لا يخطب إلي ولا أجيبه.
قال الرشيد: ولم؟.
قال الإمام: لأنه ولدني، ولم يلدك.
ولو تدبر هارون الرشيد القرآن الكريم لم يسأل الإمام هذا السؤال، وينكر هذا الانكار، فإن الله سبحانه قد سماهم أبناء الرسول قبل أن يسميهم بذلك أحد من الناس، حيث قال عز من قائل: " فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " وقد اتفق المسلمون بكلمة واحدة أن النبي دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين، فكان علي نفس النبي، وكانت فاطمة نساءه، وكان الحسن والحسين أبناءه. فإن كان للرشيد وغيره من اعتراض على نسبة آل البيت إلى الرسول الأعظم، فهو اعتراض ورد على الله، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
ومنها: أن الرشيد كان ينقله من سجن إلى سجن، حتى دس إليه السم، فسجنه أولا بالبصرة عند عيسى بن جعفر، ثم سجنه عند الفضل بن الربيع، ثم عند الفضل بن يحيى، ثم عند السندي بن شاهك الذي حصل السم على يده،