كذلك من بعده ".
جاء الإمام جعفر فقير، فأعطاه أربعمائة درهم، فأخذها وذهب شاكرا، فرده الإمام وقال: إن خير الصدقة ما اغنت، ونحن لم نغنك، فخذ هذا الخاتم، فإني أعطيت به عشرة آلاف درهم. وكان إذا جاء الليل أخذ جرابا فيه الخبز واللحم وصرر الدراهم، فيحمله على عاتقه، ويقسمه على أهل الحاجات وهم لا يعرفونه، تماما كما كان يفعل أجداده وآباؤه. قال صاحب " حلية الأولياء ":
كان جعفر بن محمد يعطي، حتى لا يبقي لعياله شيئا.
وكان إذا تخاصم اثنان على مال يصلح بينهما من ماله الخاص، وبعث غلاما له في حاجة، فأبطأ، فخرج يبحث عنه، فوجده نائما، فجلس عند رأسه، وأخذ يروح له، حتى انتبه، فقال الإمام: لك الليل، ولنا النهار.
وهم المنصور بقتل الإمام أكثر من مرة، ولكنه كان حين ينظر إليه يهابه، ويتركه ويبالغ في إكرامه، غير أنه منعه من الناس، ومنع الناس أن تستفيد منه في أيامه الأخيرة.
تنبيه مهم:
وهذا التنبيه ذكره السيد الأمين في سيرة الإمام الصادق ج 4 من الأعيان، وهو من عقيدة التشيع في الصميم، قال:
إن ما ذكرناه من مناقب كل إمام قد يختلف عما ذكرناه من مناقب الآخر، وليس معنى هذا أن المنقبة التي يتصف بها أحد الأئمة لا يتصف بها الآخر، فكلهم مشتركون في جميع المناقب والفضائل، وهم نور واحد، وطينة واحدة، وهم أكمل أهل زمانهم في كل صفة فاضلة ولكن لما كانت مقتضيات الزمان متفاوتة كان ظهور تلك الصفات متفاوتة أيضا (1) - مثلا - ظهور الشجاعة من أمير المؤمنين وولده الحسين ليس كظهورها من بقية الأئمة. ذلك أن شجاعة علي ظهرت بجهاده بين يدي الرسول الأعظم، وبمحاربته الناكثين والمارقين والقاسطين أيام خلافته، والحسين ظهرت شجاعته