زرعته بطيخا، وقثاء، وقرعا، فلما استوى الزرع وقرب الخير جاء الجراد فأتى عليه، ولم يبق منه شيئا، فذهب الزرع، وبقيت الديون. فأعطاه الإمام ما كان يأمله من زرعه، فوفى ديونه، وبقيت معه فضلة، جعل الله فيها البركة، كما حدث صاحب الزرع.
وكان كآبائه وأجداده يتفقد الفقراء، ويحمل إليهم في الليل الطعام والمال، وهم لا يعرفونه، وكان يقول في سجوده: اللهم قبح الذنب من عبدك، فليحسن العفو من عندك، ومن دعائه: اللهم إني أسألك الراحة عند الموت، والعفو عند الحساب.
مع علي بن يقطين:
كان علي بن يقطين مقربا عند هارون الرشيد، يثق به، وينتدبه إلى ما أهمه من الأمور، وكان ابن يقطين يكتم التشيع والولاء لأهل البيت (ع)، ويظهر الطاعة للرشيد، وفي ذات يوم أهدى الرشيد إلى ابن يقطين ثيابا أكرمه بها، وكان في جملتها دراعة خز سوداء من لباس الملوك مثقلة بالذهب.
فأرسل علي بن يقطين الثياب ومعها الدراعة إلى الإمام الكاظم، ومعها مبلغ من المال، ولما وصلت إلى الإمام، قبل المال والثياب، ورد الدراعة إليه على يد رسول آخر غير الذي جاء بالمال والثياب، وكتب الإمام إلى علي بن يقطين احتفظ بالدراعة، ولا تخرجها من يدك، فإن لها شأنا، فاحتفظ علي بالدراعة، وهو لا يعرف السبب.
وبعد أيام سعى بعض الواشين إلى الرشيد، وقال له: إن ابن يقطين يعتقد بإمامة موسى بن جعفر، ويحمل إليه خمس ماله في كل سنة، وقد حمل إليه الدراعة التي أكرمته بها، فاستشاط الرشيد غضبا، وأحضر علي بن يقطين، وقال له، ما فعلت بتلك الدراعة التي كسوتك بها؟.
قال: هي عندي في سفط مختوم، وقد احتفظت بها تبركا، لأنها منك قال الرشيد: ائت بها الساعة.
وفي الحال نادى علي بعض غلمانه، وقال له: اذهب إلى البيت، وافتح الصندوق الفلاني تجد فيه سفطا، صفته كذا، جئني به الآن.