الله، والله إني لأحبكم، وأحب من يحبكم لله لا للدنيا، وإني لأبغض عدوكم وأبرأ منه لا لشئ بيني وبينه، وإني لأحلل حلالكم، وأحرم حرامكم، وانتظر أمركم، فهل ترجو لي الخير جعلني الله فداك؟.
قال الإمام: أتى أبي رجل، وسأله مثل الذي سألت، فقال له: إن تمت ترد على رسول الله، وعلي، والحسن والحسين، ويثلج قلبك وتقر عينك، وتستقبل بالروح والريحان. وإنك معنا في السنام الأعلى.
فقال الشيخ: الله أكبر. أنا معكم في السنام الأعلى، وبكى فرحا، وأخذ يد الإمام، وقبلها، ثم وضعها على عينيه، ومسح بها وجهه وصدره، ثم قام وودع وخرج، فقال الإمام: من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا.
هذا هو التحديد الصحيح لشيعة أهل البيت (ع)، يحللون حلالهم، ويحرمون حرامهم، ويحبون من يحبهم، ويبغضون عدوهم في الله، ولله. أما من يحلل اليوم ما حرمه بالأمس، تبعا لشهواته وميوله، أما من يزعم أنه من الشيعة الموالين، وفي الوقت نفسه ينصب العداء للمحبين، ويكيد لهم فليس من الإسلام ولا التشيع في شئ، بل هو عدو الله ورسوله وأهل بيته. قال الإمام الرضا: من عادى شيعتنا فقد عادانا، ومن والاهم فقد والانا، لأنهم خلقوا من طينتنا، من أحبهم فهو منا، ومن أبغضهم فليس منا.
ومحال أن نفهم هذا الكلام، ونعمل به ما لم نتجرد عن الأنانية وحب الذات.
إن الشرط الأول للتشيع أن نحب الموالي، ونخلص له، ونضحي من أجله، لا لشئ إلا لأنه محب للرسول وآله، وإذا محصنا الشيعة على هذا الأساس لا يبقى واحد من كل مائة، بخاصة المعممين الذين أصبح التحاسد بينهم من العلامات الفارقة والمميزة لهم عن سائر الفئات والهيئات.
وبالتالي، فإن التشيع لا ينفك أبدا عن الألفة والأخوة، لأنه من أمهات الفضائل وأعظمها، كما أن التحاسد من أمهات الرذائل وأقبحها.
توفي الإمام الباقر بالمدينة سنة 114، عاش مع جده الحسين 4 سنين، ومع أبيه 39، وبعده 18 سنة.