الصومال، وبلاد السنغال، وغيرها من البلاد الإفريقية، وأكثر هؤلاء من الإسماعيلية المنحرفة، وليسوا من الاثني عشرية، ولا من طائفة الإسماعيلية المعتدلة، كالبهرة الذين يقيمون بالهند وباكستان " (1) وبالتالي، فإن التشيع قد عم وانتشر في أكثر البلدان الإسلامية، وكانت لهم الغلبة في الكثرة والعدد على سائر الفرق، أو ليسوا بأقل من غيرهم، ثم انحسر التشيع في كثير من الأقاليم بسبب ضغط الحكام ومقاومتهم، وتعصب إخوانهم ويعدون من الفرق الكبرى، وقد ظهر ذلك مما تقدم، مع العلم بأن ما ذكرت من بلدانهم إنما هو الأظهر والأشهر، أما استيعاب الأقاليم كاملة، وإحصاء العدد حقيقة فما وحدت إليهما سبيلا، ولن أجده، حتى مع الحرص والاجتهاد.
وتختم هذا الفصل بتلخيص موجز لما ذكره الشيخ أبو زهرة في آخر كتاب " الإمام الصادق " بعنوان " نمو المذهب الجعفري ومرونته "، قال:
لقد نما هذا المذهب وانتشر لأسباب:
1 - إن باب الاجتهاد مفتوح عند الشيعة، وهذا يفتح باب الدارسة لكل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، والنفسية.
2 - كثرة الأقوال في المذهب - أي في المسائل الفقهية النظرية - واتساع الصدر للاختلاف ما دام كل مجتهد يلتزم المنهاج المسنون، ويطلب الغاية التي يتغياها من يريد محص الشرع الإسلامي خالطا غير مشوب بأية شائبة من هوى.
3 - إن المذهب الجعفري قد انتشر في أقاليم مختلفة الألوان من الصين إلى بحر الظلمات، حيث أوروبا وما حولها، وتفريق الأقاليم التي تتباين عاداتهم وتفكيرهم وبيئاتهم الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية. إن هذا يجعل المذهب كالنهر الجاري في الأرضين المختلفة الألوان، يحمل في سيرة ألوانها وأشكالها من غير أن تتغير في الجملة عذوبته.