4 - كثرة علماء المذهب الذين يتصدون للبحث والدراسة وعلاج المشاكل المختلفة، وقد آتي الله ذلك المذهب من هؤلاء العلماء عددا وفيرا عكفوا على دراسته، وعلاج المشاكل على مقتضاه.
هذه حقيقة نطق بها الشيخ أبو زهرة، وفي الكتاب أمثلة كثيرة لعلمه وإنصافه، كما أن فيه موارد للنقد والنظر. أشرت إلى بعضها فيما تقدم من هذا الكتاب، وفي كتاب المجالس الحسينية، وإني لأعترف له وللشيخ شلتوت رئيس الأزهر والشيخ المدني عميد كلية الفقه بمزايا حميدة على كثير من شيوخ الأزهر، أمثال الحفناوي صاحب كتاب " أبو سفيان " ومحب الدين الخطيب منفذ " الخطوط العريضة " وغيره من الذين كفروا الشيعة، إطلاقا، وتحدثوا عنهم بروح الدس والعداء، حتى جعلونا نغض الطرف عن كل خطيئة إلا التكفير والخروج عن دين الإسلام.
إن موقف الخطيب من الشيعة، ومن إليه لا يمت إلى العلم والدين بسبب، أما موقف الشيخ أبي زهرة فهو موقف مذهبي يشوبه - كما هو المعتاد - شئ من التعصب الذي يباعد بين الأخوين، إلا أنه لا يبلغ مرحلة التكفير، والحمد لله.
هذا، إلى أن الشيخ أبا زهرة لم يرض في كتابه جماعة من السنة، كما أنه لم يرض الكثير من الشيعة.
في سنة 1961 اجتمعت بالشيخ أبي زهرة في دمشق، حيث اشتركنا معا في مهرجان الغزالي، فقال لي فيما قال: حين ألفت كتاب " الإمام الصادق " كنت على علم اليقين بأنه سيغضب السنة والشيعة معا، لأني لم أقل ما يريد أولئك، ولا كل ما يريد هؤلاء.
فقلت له: نحن نرحب بكل نقد من أية جهة أتى، على شريطة أن يكون بدافع الاخلاص، متحررا من رواسب الماضي ومخلفاته. ولا أخفي القارئ أني شعرت بالتقدير لشخصه، رغم أني لا أوافقه على كثير من آرائه، وكنت - قبل أن نلتقي - انتقدته في بعض مؤلفاته، ورددت عليه بمقال مطول مفصل، وكان حين يقدمني لمعارفه يقول: هذا الذي رد علي وانتقدني.
وبالختام يكفي أن نتذكر ما كتبته الأقلام المأجورة عن الشيعة والتشيع لنكبر ونقدر الشيخ أبا زهرة في كتابه " الإمام الصادق ".