اليوم يقيم بين ظهرانيهم، وفقه الله وأخذ بيده، وفي سنة 1956 زارني أحدهم، وحدثني مفصلا عن حياتهم ومحافظتهم على الشعائر المذهبية، وبخاصة إقامة العزاء لسيد الشهداء بلدان أخرى:
وهناك بلدان أخرى غير هذه لم يذكرها صاحب الأعيان، وصاحب تاريخ الشيعة، رغم أنهما بحثا وتتبعا المصادر العربية والأجنبية. ذلك أن الطرق الفنية للإحصاء لم تتهيأ لهما، ولا لغيرهما، حتى الآن ولا مستند لهما إلا الكتب الموضوعة منذ القديم في أحوال الأقاليم، أو السماع من عابر. وبديهة أن تلك الكتب لا تتضمن الأخبار عن جميع البلدان وعدد السكان، وأديانها ومذاهبها.
أما الأخذ بقول قائل والسماع من عابر فلا يغني عن الحق فإن الذين يعرفون عدد السكان في بلدهم أقل من القليل - إن صح التعبير - فأنا الآن أقيم في بيروت منذ 15 سنة، ولا أعرف عدد سكانها على التحقيق، وسكنت قبلها بقرية صغيرة 10 سنوات. وبقيت طوال هذه المدة أجهل عدد أهلها إلا على سبيل التقريب.
ولقد قرأت الكثير عن الجزائر، وما رأيت ولا سمعت من أحد أن فيها شيعة، حتى أخبرني من لا أشك بصدقة أن في جبالها، وسائر جبال البر بر قبائل من الشيعة، وأنه اجتمع بأحدهم، وتوطدت الصداقة والعلاقة بينه وبينه، وأخبره عن أحوالهم وعاداتهم. وأيضا أخبرني أكثر من واحد أنه يوجد في السودان شيعة، وفي سنة 1962 مر ببيروت حجاج من السودانيين، ورأيتهم يبحثون في مكاتبها التجارية عن الكتب الشيعية، فساعدتهم وأهديتهم بعضا، فسروا وشكروا.
وفي آخر الجزء الأول من أعيان الشيعة نقلا عن كتاب حاضر العالم الاسلامي ودائرة المعارف الإسلامية أن بلدان في إفريقيا يدعى هرار كان تابعا لمصر سنة 1875، ثم تبع الحبشة سنة 1887 جميع أهله شيعة، ويبلغ عددهم 50 ألفا، وغير بعيد أن يكون هؤلاء من الإسماعيلية المنحرفة، لا من الشيعة الإمامية، قال أبو زهرة في كتاب الإمام الصادق ص 549:
" انتشر الشيعة في وسط إفريقيا في البلاد الإسلامية، كنجيريا، وبلاد