وقال الشيخ المظفر في " تاريخ الشيعة ": " حاول عبد الملك أن يحمل أهل البحرين على مفارقة التشيع فأبوا، وأراد أن يستعمل القوة فخاف بأسهم، فصالحهم على نزع السلاح، وأن يرفع عنهم الخراج لقاء ذلك، وداموا على التشيع لا يخشون سلطة حاكم، ولا يرهبون من التصريح به سطوة ظالم، وكان فيها كثير من العماء والأفاضل والشعراء.
أما القطيف فهي شيعة خالصة، وأما الأحساء فالشيعة يشاطرون غيرهم، كما أن في قطر كثير من الشيعة (1) ولا يزال من هذه البلاد في النجف الأشرف مهاجرون، لتحصيل علم أهل البيت (ع)، وفيها اليوم جماعة من أهل الفضل، وكانت هذه البلاد ممتحنة بسلطة آل عثمان، ولما انتزعها منهم ابن سعود كانت محنتهم أشد ".
ومن الخير أن نذكر بهذه المناسبة أن المرحوم السيد محسن الأمين العاملي ألف كتابا قيما على أثر هدم السعوديين قبورا أئمة البقيع، أسماه " كشف الارتياب " استقصى فيه تاريخ الوهابيين منذ نشأتهم، حتى يومه رحمة الله عليه.
جبل عامل:
ويسمى جبل الجليل، وجبل الخليل، وأهله أقدم الناس في التشيع لم يسبقهم إليه إلا بعض أهل المدينة. ومن نظر إلى هذا الجبل وتاريخه نظرة تأمل وإمعان أخذته الدهشة لنشاط أهله وجهادهم في سبيل العلم والدين والحياة منذ القديم، حتى اليوم على الرغم من فقرهم، وقلة عددهم، وما توالى عليهم من الظلم والاضطهاد. رحلوا إلى إيران والعراق ومصر والشام لطلب العلم، وهاجروا إلى جميع القارات وأقصاها طلبا للعيش. ويحمل الآن المئات من شبابهم الشهادات العالية، ويتولون أعلى المناصب في الدولة، مع العلم بأن بعضهم ابن حمال، وآخر ابن ماسح أحذية، أو ابن كناس إلخ... وليس لدي أي تعليل مقنع لذلك، وما زلت أتساءل: هل هي التربة، أو شملتهم دعوة صالحة، أو عناية من لدن حكيم خبير؟ ومهما يكن، فإني أدع الحديث هنا للشيخ المظفر في