ثم سافر إلى النجف الأشرف، وتشرف بزيارة المشهد العلوي، وقدم القناديل من الذهب والفضة، والمفروشات الثمينة، وفي هذه السنة شرع ببناء حرم الكاظميين والمسجد الكبير المعروف بمسجد الصفويين. وأمر بحفر النهر الذي كان قد حفره عطا ملك، ثم اندثر بمرور الزمن، فجدده الشاه إسماعيل، ووقف ريعه على خدام المشهدين: العلوي والحسيني، هذا، إلى حبه وتعظيمه العلماء والعلويين، وإنعامه عليهم بالأموال والمناصب، والاستعانة بأهل الكفاءة والمقدرة على نشر المذهب، وإعلان أسماء الأئمة الاثني عشر على المنابر وفي المحافل، وبشتى المناسبات (1).
ولد الشاه عباس سنة 892، وتولى السلطنة سنة 905، وتوفي سنة 930 في تبريز، ودفن في مقبرة جده صفي الدين بأردبيل، ومدة ملكه 24 سنة وخلفه ولده الشاه طهماسب الشاه طهماسب:
وما أن ملك الشاه طهماسب بعد أبيه، حتى قامت في وجهه القلاقل، والفتن الداخلية، وثار عليه أخوه القاص ميرزا، وكان له أعوان وأنصار. وأعلن سليمان القانوني بن السلطان سليم الحرب على الشاه، واستولى على أذربيجان، ودخل جيشه تبريز، ومكث فيها غير أن البرد القارص، والأمطار الشديدة جرفت قسما من المدفعية، وأماتت الحيوانات، فاضطر الأتراك إلى الانسحاب، واتجه السلطان إلى بغداد فاستولى عليها، وأفتى له شيوخ السوء بقتل الشيعة المارقين (2)، وخرج العراق من أيدي الإيرانيين سنة 941 ه، وكانوا قد استولوا عليه سنة 914، وبنى السلطان قبر أبي حنيفة، كما زار العتبات المقدسة في الكاظمية وكربلاء