الحمدانيون والتشيع:
انتشر التشيع، وارتفع شأنه في الموصل وحلب، وما إليهما في عهد الحمدانيين، واشتد بهم أزر الشيعة في العراق، قال آدم متز في " الحضارة الإسلامية ":
" وكان الحمدانيون أول أسرة تدخل في أمور بغداد ".
وقال الشيخ المظفر في " تاريخ الشيعة ":
" ارتفع شأن التشيع في سورية أيام سيف الدولة، وانتشق أهله الهواء الطلق بعد أن حبسه عنهم أرباب السلطات المتعاقبة. فكانت سورية أيام الحمدانيين مكتظة بالشيعة. وإذا دخلت المسجد الأموي الرفيع بناية، والمشيد عمارة، وتوسطته واقفا تحت قبته، فارفع رأسك لتنظر اسم علي والحسن والحسين في باطن القبة، فأين اسم معاوية ويزيد وملوك آل مروان الذين رفعوا بناء ذلك المسجد؟! ".
وقال كرد علي في المجلد السادس من خطط الشام ص 258:
" كان أهل حلب سنة حنفية، حتى قدم الشريف أبو إبراهيم الممدوح - في عهد سيف الدولة - فصار فيها شيعة وشافعية، وأتى صلاح الدين، وخلفاؤه فيها على التشيع، كما أتى عليه في مصر، وكان المؤذن في جوامع الشهباء يؤذن بحي على خير العمل، وحاول السلجوقيون مرات القضاء على التشيع، فلم يوفقوا إلى ذلك، وكان حكم بني حمدان، وهم شيعة من جملة الأسباب الداعية إلى تأصل التشيع في الشمال، ولا يزال على حائط صحن المدفن الذي في سفح جبل جوشن بظاهر حلب ذكر الأئمة الاثني عشر، وقد خرب الآن.
ووصف ابن جبير المذاهب المتغلبة على الشام في القرن السادس، فقال:
" للشيعة في هذه البلاد أمور عجيبة، وهم أكثر من السنيين بها، وقد عملوا البلاد بمذاهبهم ".
وحين أراد صلاح الدين الأيوبي الاستيلاء على حلب، استنجد الوالي بأهلها، وطلب منهم العون، وأن يعبئوا أنفسهم تعبئة عامة، فاشترط عليه الشيعة إن أجابوه أن يعيد في الأذان حي على خير العمل في جميع المساجد، وينادي باسم الأئمة الاثني عشر أمام الجنائز، ويكبر على الميت خمس تكبيرات، ويفوض أمر