والنجف (1).
وتدلنا هذه الحوادث، وما إليها أن الدولة الإيرانية، والدولة التركية كانتا أقوى دول الشرق على الإطلاق، وأن غيرهما من الدول والإمارات كانت تتذبذب بين الإمبراطوريتين، فتارة تؤثر طاعة هذه، وأخرى تلك، حسب الظروف والمناسبات.
الشاه طهماسب والتشيع:
وترسم الشاه طهماسب خطى أبيه الشاه إسماعيل في تأييد المذهب، وقد بالغ في إكرام العلماء وأهل الدين، حتى جعل أمر المملكة بيد عالم العصر المحقق الثاني الشيخ علي عبد العال، وقال له فيما قال: أنت أولى مني بالملك، لأنك نائب الإمام حقا، وأنا عامل منفذ، وكتب إلى جميع الولاة، وأرباب المناصب بإطاعة الشيخ، والعمل بأوامره وتعاليمه، فكان الشيخ يطبق الشرع الشريف، ويقيم الحدود، كما عين الأئمة للصلاة، والمدرسين في المدارس، والوعاظ لبث المذهب ونشره.
ومن آثار الشاه طهماسب ترميم الحائر الحسيني، وإصلاحه، وتوسيع الصحن، وتجديد المنارة المعروفة بمنارة العبد.
ولد هذا الشاه سنة 919 ه، وملك سنة 930، ومات سنة 984، وكانت مدة ملكه 54 سنة.
وكان له أولاد كثر، تنازعوا الملك بعده، وتغلب أحدهم على أخوته، وهو إسماعيل الثاني، وبقي في الحكم سنة واحدة وبضعة أشهر، وقام بعده أخوه محمد خدابنده، وكان أعمى، ضعيف الرأي، وقد اضطرب أمر المملكة على عهده، وقامت ثورات وفتن، وانشق عليه ولده عباس، واستقل بالحكم.