عظيمة من الكتب في سائر العلوم والفنون والآلات الرياضية، لتكون رهن البحث والمراجعة، وعينوا لها أشهر الأساتذة، وكان التعليم فيها حرا على نفقة الدولة، كما كان الطلاب يمنحون جميع الأدوات الكتابية مجانا، وكان الخلفاء يعقدون المناظرات في شتى فروع العلم، كالمنطق والرياضة والفقه والطب، وكان الأساتذة يتشحون بلسان خاص عرف بالخلعة، أو العباءة الجامعية - كما هي الحال اليوم - وأرصدت للإنفاق على تلك المؤسسات، وعلى أساتذتها، وطلابها وموظفيها أملاك بلغ إيرادها السنوي 43 مليون درهم، ودعي الأساتذة من آسيا والأندلس لإلقاء المحاضرات في دار الحكمة، فازدادت بهم روعة وبهاء.
الفاطميون والتشيع:
اتفق المؤرخون على أن الدولة الفاطمية قامت على أساس الدعوة الشيعية، وأنها قد حرصت جد الحرص على نشرها بمختلف الوسائل، وأن الفاطميين اتخذوا بناء المساجد ومعاهد العلوم سبيلا لغزو عقائد المجتمعات " وقد وجدت العقائد الشيعية في مصر مرعى أكثر خصبا ونماء منه في شمال إفريقيا، وسرعان ما ترعرعت وعم أثرها " (1).
فالمؤذنون ينادون على المآذن " حي على خير العمل " والخطباء في المساجد يفتتحون كلامهم بالصلاة على محمد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة البتول، والحسن والحسين سبطي الرسول، وحلقات الدروس في الأزهر وغيره ترتكز على مذهب الشيعة، وأحكام القضاة تصدر وفقا لهذا المذهب.
وكتب المعز على الأماكن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وجعلوا اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، وهو يوم غدير خم يوم عيد، " وأصبح الاحتفال به في كل سنة من أهم الاحتفالات الدينية التي كانت تهتز لها جوانب القاهرة فرحا وسرورا " (2).
وعن خطط المقريزي " إن شعائر الحزن يوم العاشر من المحرم كان أيام