المملكة، وانحاز بعض الزعماء إلى عبد الرحمن الناصر الأموي بالأندلس، وثار على القائم خارجي يدعى أبا يزيد عرف بعدائه للإسماعيلية، وقد اجتمعت عليه سائر الخوارج، وقويت به شوكته، وأخذ عليهم البيعة لنفسه على قتال الإسماعيلية، واستباحة الغنائم والسبي. وحاصر أبو يزيد المهدية عاصمة الخلافة، وعظم البلاء على أهلها، حتى أكلوا الدواب والميتة، وخرج أهلها مهاجرين إلى مصر وطرابلس وبلاد الروم، وكان أصحاب أبي يزيد يأخذون من يخرج من المدينة، ويشقون بطنه طلبا للذهب، وكانت الغوغاء تتوافد على أبي يزيد من كل ناحية ينهبون ويقتلون، حتى أفنوا ما كان في أفريقيا (1)، ولما لم يبق ما ينهب تركوه في قلة استطاع القائم بأمر الله أن يتغلب عليها.
مات القائم سنة 333، وتولى بعده ولده إسماعيل الملقب بالمنصور.
المنصور:
وكان المنصور من أهل الشجاعة والفصاحة والتدبير، فعمل على تقوية جيوشه عدة وعددا، وطارد الخارجي أبا يزيد الذي أو شك أن يودي بدولة الفاطميين من قبل، وأوقع الهزيمة بجيشه، حتى انتهت فتنته بالقبض عليه، ومات متأثرا بجراحه، وسائت حال البلاد من جراء هذه الثورة، وأثرت في موارد الدولة، فشرع المنصور بالعمل على إنعاش البلاد، وإعادتها إلى ما كانت عليه، وأنشأ أسطولا كبيرا، وأسس مدينة المنصورية، واتخذها عاصمة لدولته.
مات المنصور سنة 341، وآلت الخلافة إلى ولده المعز لدين الله.
المعز:
كان المعز لدين الله مثقفا، ومولعا بالعلوم والآداب، كما عرف بحسن التدبير، وأحكام الأمور، لذا دانت له قبائل البربر، وأطاعته على ما بينها من اختلاف، وقد رأى بعد أن استتب الأمن في ربوع المغرب، واطمأنت به الحال أن يعد العدة لغزو مصر، لثروتها وموقعها الجغرافي الذي يمهد السبيل لامتداد النفوذ