وابن البيضاوي، والكرخي، وامتنع أبو الحسن الماوردي، ولقب جلال الدولة بملك الملوك، وقد جرى بين الماوردي وبين الفقهاء الذين أفتوا بالجواز نقاشا وجدالا، هذا، وإن الماوردي أخص الناس بجلال الدولة وأقربهم منزلة منه، ولكنه آثر دينه على هوى الملوك، ولما أفتى بالتحريم وعدم الجواز انقطع عن جلال الدولة، ولزم بيته خائفا، وفي ذات يوم استدعاه جلال الدولة، فلبى، وهو موقن بالذبح، ولما دخل عليه أكرمه وعظمه، وقال له فيما قال: إني أعلم بأنك ما قلت وما فعلت إلا لمرضاة الله والحق، وقد بان لي موضعك من الدين، ومكانك من العلم، وإنك أعز لدي من الجميع.
وهذا شاهد صدق على عدل جلال الدولة وإنصافه، وتواضعه للحق.
ومات جلال الدولة سنة 435. قال ابن الأثير في حوادث هذه السنة:
" كان مولده سنة 383، وملكه ببغداد 16 سنة و 11 شهرا. ومن علم سيرته، وضعفه، واستيلاء الجند والنواب عليه، ودوام ملكه إلى هذه الغاية علم أن الله على كل شئ قدير، يؤتي الملك من يشاء، وينزعه ممن يشاء، وكان يزور الصالحين، وزار مرة مشهد علي وولده الحسين (ع)، وكان يمشي حافيا قبل أن يصل إلى كل مشهد منهما نحو فرسخ، يفعل ذلك تدينا ".
أبو كاليجار:
وتولى بعد جلال الدولة أبو كاليجار بن سلطان الدولة، ووقعت الحرب بينه وبين طغر لبك السلجوقي، ثم تم الصلح بينهما، واستقرت الحال، وتزوج طغر لبك ابنة أبي كاليجار، وتزوج ابن أبي كاليجار بابنة أخ طغر لبك.
وفي سنة 446 مات أبو كاليجار، وكان عمره 40 سنة وشهورا، ودام ملكه على العراق 4 سنوات وشهرين ونيفا وعشرين يوما.
الملك الرحيم:
وتولى بعد أبي كاليجار ولده أبو نصر الملقب بالملك الرحيم، ولكن لم تطل أيامه، فقد دخل طغرلبك بغداد سنة 447 واستولى عليها، وقبض على الملك الرحيم، وسجنه في إحدى القلاع، وانتهى به ملك البويهيين الذي امتد من سنة