ومع اشتهار كل واحد منهم بكمال العلم والكمالات، بحيث لم يمكن لأحد لم يبتل بالنصب واللجاج أن يقول بفقد واحد منهم بعض الكمالات النفسانية، جمع من منكري الإمامة مع غاية الاهتمام في إنكار الحق، لم يمكنهم إنكار كمالاتهم، بل اعترفوا بها وأنكروا دعواهم الإمامة ونفي إمامة الثلاثة، خوفا من ظهور ضعف عقائدهم الفاسدة الناشئة من الأهواء الكاسدة، مع تواتر الأمرين عند طالب الحق والنجاة، المتمسك بحبل أهل البيت في الرشاد.
روى صاحب حدائق الحقائق، عن العلامة (رحمه الله) في كشف الحق، أنه قال: روى الزمخشري، وكان من أشد الناس عنادا لأهل البيت (عليهم السلام) وهو الثقة المأمون عند الجمهور، بإسناده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فاطمة مهجة قلبي، وابناها ثمرة فؤادي، وبعلها نور بصري، والأئمة من ولدها أمناء ربي، وحبل ممدود بينه وبين خلقه، من اعتصم بهم نجا، ومن تخلف عنهم هوى (1) انتهى.
ويدل على ما قلته ما ذكره فضل بن روزبهان، مع غاية جهده في إنكار الحق، في خطبة كتاب ألفه لنقض كتاب نهج الحق وكشف الصدق، بعد الطعن على العلامة (رحمه الله):
ومن الغرائب أن ذلك الرجل وأمثاله ينسبون مذهبهم إلى الأئمة الاثني عشر رضوان الله عليهم أجمعين، وهم صدور إيوان الاصطفاء، وبدور سماء الاجتباء، ومفاتيح أبواب الكرم، ومجاديح هواطل النعم، وليوث غياض البسالة، وسباق مضامير السماحة، وخزان نقود الرجاحة، والأعلام الشوامخ في الإرشاد والهداية، والجبال الرواسخ في الفهم والدراية، وهم كما قلت فيهم:
شم المعاطس من أولاد فاطمة * علوا رواسي طود العز والشرف فاقوا العرانين في نشر الندى كرما * بسمح كف خلا من هجنة السرف