ويؤيد مذهب الإمامية الاثنا عشرية كون محمد بن علي الجواد وعلي بن محمد الهادي (عليهم السلام) بعد انتقال أبيهما إلى روضة القدس في سن أن ينقل عن أحد من غير حجج الله تعالى اتصافه في هذا السن بعلم وكمال مطلقا، بل كان غيرهما في هذا السن خارجا عن التكليف، بل عن قرب زمانه، وظاهر بين العامة والخاصة أنهما لم يأخذا العلم والكمال من أبناء زمانهما، فعلمهما إنما كان من عند الله تعالى، ومثل هذا العلم في مثل هذه الحال من أكمل المعجزات الباهرة عند أرباب التميز، لو لم نقل بكونه معجزا مطلقا، فإذا ضم إليه سائر الكمالات النفسانية التي يشهد بها من لم يظهر منه غاية العناد واللجاج يتقوى بها في الدلالة، فيثبت بما ذكرته إمامتهما لظهور الدعوى منهما عند المنصف الطالب للنجاة، وإمامة الأئمة الماضية (عليهم السلام) بتصديقهما المعلوم له، وإمامة الباقيين (عليهما السلام) ظاهرة بما ذكرته سابقا.
اعلم أن تعبيرنا هذا الدليل بالمؤيد إنما هو لرعاية مدرك بعض الناس، وإلا فهذا دليل واضح وبرهان قاطع للطالب البصير والعالم الخبير، وما ذكرته من اذعان الناس بكمالاتهما يدل عليه مع الاشتهار في الألسن والنقل في الكتب وما ذكر ابن أبي الحديد في مقام تعداد المفاخر الذي كان بين بني هاشم وبني أمية: ومن الذي يعد من قريش أو من غيرهم ما يعده الطالبيون عشرة في نسق كل واحد منهم: عالم، زاهد، ناسك، شجاع، جواد، طاهر، زاك، فمنهم خلفاء، ومنهم مرشحون ابن ابن ابن هكذا إلى عشرة، وهم: الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي، وهذا لم يتفق لبيت من بيوت العرب، ولا من بيوت العجم (1) انتهى. وبالجملة اشتهار كمالات الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين، وظهورها بين المخالفين، أظهر من أن يحتاج إلى التبيين.