وأما عدم تعيين الإمام، فإنه باطل بما ذكرته في موضعه، لكن ليس بهذه المرتبة في الوضوح، فيجب البيان إما بالنص، أو بالمعجزة، ونحن عالمون بعدم تحقق شئ منهما في غير الأئمة الاثني عشر، ونقل كل واحد منهما في كل واحد منهم حتى ادعى تواتر النص في كل واحد منهم كثير من العلماء الإمامية الاثني عشرية.
فإن قلت: نقل أحد الأمرين أو كليهما إنما ينفعك في مقام الاستدلال لو أمكنك إثبات تواتر أحدهما في كل واحد من الأئمة، وما يدل على أحدهما ليس في كتب أهل السنة بحيث يمكن الحكم بالتواتر، وما وجد في الكتب المعتبرة من الشيعة أيضا بل يظهر كونه مستجمعا لشرائط التواتر، ولعل دعوى تواتر النص في الأئمة المعصومين كدعوى البكرية النص على أبي بكر، وإن افترقتا في دلالة الدليل على بطلان النص على أبي بكر، ولا دليل على عدمه في الأئمة الاثني عشر، وهذا الفرق لا ينفعك في المقام.
قلت: اليقين بوجوب استمرار الإمام المعصوم بتعيين الله عز وجل مع اليقين بانتفاء الوصف في غيرهم هو المعين لهم، فلا يحتاج حينئذ في العلم بإمامتهم إلى العلم بتحقق النص المتواتر في كل واحد منهم، نظير ذلك أنه إذا تيقنت بكون زيد في بيت، وتيقنت أن غير واحد من الموجودين فيه ليس زيدا، تيقنت بكونه زيدا.
ويمكن الدليل على هذا المدعى بعد إثبات وجوب التعيين من الله تعالى والاستمرار بأنه بين الله تعالى بقوله * (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فمالكم كيف تحكمون) * (1) وبقوله عز وجل * (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولي الألباب) * (2) لظهور أعلمية كل واحد منهم بالنسبة إلى جميع أهل زمانه، بل بالنسبة إلى جميع أغيار الأئمة (عليهم السلام) من الأمة.