فلا يدل شئ منها عليه، ألا ترى أن كثيرا من العلماء المتتبعين للكتاب والأخبار المفتشين عن الحجج والآثار من المتقدمين والمتأخرين قالوا بامتناع إعادة المعدوم، مع حكمهم بأن المعاد الجسماني من ضروريات الدين.
ومنها: أن إنسانا إذا أكل إنسانا وصار جزء بدن المأكول جزء للآكل، فإما أن لا يعاد ذلك الجزء في شئ منهما، أو يعاد مع أحدهما دون الآخر، والأول هو المطلوب الذي هو عدم إعادة الأبدان بأعيانها، والثاني مع استلزامه الترجيح بلا مرجح، يستلزم المطلوب باستلزامه عدم إعادة أحد البدنين بعينه، المستلزم لعدم إعادة شئ من الأبدان بضميمة عدم القول بالفصل.
والجواب عنه، أنه يمكن أن لا يصير الأجزاء الأصلية من المأكول جزء للآكل، وعلى تقدير صيرورتها جزء له لعلها تصير جزء فضليا له، وعلى التقديرين لا يلزم إعادتها معه، وما يمكن أن يصير جزء أصليا له، وهو الجزء الفضلي من المأكول لا يلزم إعادتها مع المأكول لكونه جزء فضليا، وعدم لزوم إعادة جميع الأجزاء الفضلية.
وبالجملة إعادة جميع الأجزاء الفضلية التي كانت معهما في وقت من الأوقات، أو في وقت الوفاة لا دليل عليه، فلعل المعاد جميع الأجزاء الأصلية وبعض الفضلية الذي به يصير البدن بدن تاما.
ويمكن انضمام الأجزاء الفضيلة التي لم يكن في الدنيا إلى الأجزاء الأصلية التي كانت فيها أو إلى الأصلية وبعض الفضيلة اللتين كانتا فيها بحيث يصير البدن على القدر الذي تقتضي المصلحة كونه على هذا القدر. يؤيد هذا ما يدل على عظم أجساد بعض العصاة لزيادة تأثير ألم العقاب فيه.
وإذا عرفت هذا فعلى تقدير كون الأجزاء غير أصلية بالنسبة إلى الآكل والمأكول، يمكن أن يختار الأول، وما ذكر من أن هذا هو المطلوب الذي هو عدم