في وقت وحال يصير واجبا في حال أخرى، مثل غسل الرجلين ومسحهما.
قلت: الإمامة من الأمور التي تحتاج إلى النص أو المعجزة، فبعد ثبوتها يظهر أن ما فعله هو الأمر الذي فعله بإذن الله تعالى وأمره. وأيضا باب مدينة العلم ومن يدور الحق معه، أعلم منك وممن زعمته أميرا عليه، ومن كل أمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلو كان رعاية المصلحة التي زعمتم أهم وأولى بحسب الشرع، كان (عليه السلام) أعلم بها وأعمل.
اعلم أن السابقين ارتكبوا كثيرا من القبائح والشنائع، مثل استرضاء أبي سفيان بترك أموال المسلمين التي كانت في يده، وعدم المطالبة عليه، وجعل ولده يزيد بن أبي سفيان حاكما، وغيرها من الأمور الشنيعة، ليرضي عنهم المتغلبة، ولا يتعرضوا لقبائحهم وظلمهم وغصب الخلافة، ولم يكتف تبعتهم عن اغماض قبائحهم وعدم عدها عليهم، بل جعلوها فضائل ومقابلها رذائل.
وما ذكره من عدم الانتظام إنما نشأ من ظلم السابقين، فإن كانوا لم يغصبوا حق أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم يأسسوا أساس الظلم والعدوان، لكان الأمر منتظما بعنوان الحق، والاختلال الذي يحصل في بعض الأحيان يمكن تداركه بالنصيحة والسيف والمداراة الشرعية، لا ما أرادوا من المداراة الذي هو المساهلة في الأمور الدينية، كما يتدارك في زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبعد ما رأى الناس مساهلة السابقين في الأمور، حصل توقع الجور وترتب السخط من عدمه الذي سموه ترك المداراة.
وأما ثالثا، فلأن انحراف قوم من الحسد الناشي من فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) لا يصير سببا لتغيير أمر الشارع، وهذا نقص يلحق بالناس، ولو كان هذا العذر معقولا لوجب العدول عن بيان فضائل مستحق النبوة أيضا، وهذا أوضح من أكثر الواضحات، وهذا بالحقيقة ترجيح لفاقدي الفضائل على أربابها. ولو كان أبو بكر وعمر وتبعتهما يسعون في إعطاء الحق إلى صاحبه وكانوا راعين ما ظهر من الكتاب