ومنها: قوله (عليه السلام) " ولما احتج المهاجرون " إلى قوله " فالأنصار على دعواهم " لدلالته على كون الأمر لأمير المؤمنين (عليه السلام) على تقدير حقية استدلال المهاجرين، وكون دعوى الأنصار متوجهة على تقدير بطلانه، وقد مر إشارة إلى مقتضى الاستدلال عند بيان مقتضى ما جرى في السقيفة أيضا.
ومنها: قوله (عليه السلام) " وزعمت أني لكل الخلفاء حسدت " لظهوره في اشتهار أمير المؤمنين (عليه السلام) بالامتناع عن البيعة، حتى يتوهم كون منشأ الامتناع الحسد، وهذا هو أضعف الوجوه الدالة على عدم تحقق الاجماع، ومع ذلك يكفي للدلالة على عدم جواز الحكم بتحقق الاجماع في إمامة من تقدم على أمير المؤمنين (عليه السلام).
ومنها: قوله (عليه السلام) " وقلت أني كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش " لظهوره في دلالته على غاية الممانعة مثل السابق.
ومنها: قوله (عليه السلام) " ولعمر الله " إلى آخره لدلالة كون هذا الامتناع دالا على المدح على كون منشأ هذا الامتناع إطاعة الله تعالى حتى يستحق به المدح، وكون هذا الامتناع إطاعة لله تعالى يدل على بطلان ما دعوه إليه، فكيف يجوز من صدق بالكتاب والسنة امتناع أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الأمر الذي فيه مرضات الله تعالى غاية الإباء؟ حتى يجبر عليه بنحو يمكن تعييره بما عير به معاوية.
وأيضا كيف يجوز أن يعد (عليه السلام) هذا الامتناع من مناقبه ومدائحه في وقت من الأوقات؟ لو لم يعلم (عليه السلام) بطلان من تقدم، ولم يعتقد وجوب الامتناع ما أمكن، حتى يعلموا أنه (عليه السلام) تكلم بهذا الكلام بعد مضي سنين وأعوام، ولا يختل اعتقادهم الذي اكتسبوه من السلف بلا حجة وبرهان، وهذا من عجائب مفاسد تبعية الأهواء. وبالجملة ظن تحقق الاجماع في إمامة من تقدم على أمير المؤمنين (عليه السلام) مع واحد مما أومأت إليه هاهنا لا وجه له عند طالب الحق والصواب، فكيف إذا تعاضد بغيره مما ذكر هاهنا وغيره من مواضع الكتاب.