العرب، فبعضهم تقليدا، وبعضهم للطمع والكسب، وبعضهم خوفا من السيف، وبعضهم على طريق الحمية والانتصار للنسب، أو لعداوة قوم آخرين من أضداد الإسلام وأعدائه.
واعلم أن كل دم أراقه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسيف علي (عليه السلام) وبسيف غيره، فإن العرب بعد وفاته (صلى الله عليه وآله) عصبت تلك الدماء بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) وحده، لأنه لم يكن في رهطه من يستحق في شرعهم وسنتهم وعادتهم أن تعصب به تلك الدماء إلا بعلي وحده، وهذه عادة العرب إذا قتل منها قتلى طالبت بتلك الدماء القاتل، فإن مات أو تعذر عليها مطالبته طالبت بها أمثل الناس من أهله.
ونقل بعد ذلك أن قوما من بني تميم قتلوا أخا لعمرو بن هند، وحرض أعداؤهم عمرا عليهم، إلى أن قالوا: فاقتل زرارة، لا أرى في القوم أمثل من زرارة، فأمر أن يقتل زرارة بن عدس رئيس بني تميم، ولم يكن قاتلا ولا حاضرا قتله، ومن نظر أيام العرب ووقائعها ومقاتلها عرف ما ذكرناه (1) انتهى.
أقول: هاهنا أمور ينبغي التنبيه عليها:
منها: دلالة قول عباس فقد قاربت على عدم اذعانه بإمامة عثمان، فلا إجماع عليها حين حياة عباس، فلم يكن عثمان طالبا للحق، وإلا فلم يكن له أن يجلس مجلس الإمامة قبل الاطلاع بتحقق الاجماع.
فإن قلت: لعل مراد عباس أن أمير المؤمنين (عليه السلام) إن قال أن عثمان جلس مجلسا أنا أحق به بحسب الفضائل، فرعايتها تقتضي بعنوان الأليق والأولى أن يكون الاتفاق بإمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، حتى يكون الأفضل متبوعا والمفضول تابعا، فقد قارب.