لغفلة الطالب عن بعض المفاسد والموانع التي يدركها من هو أدنى مرتبة منه في العلم والادراك.
لأنا نقول: هذا إنما يتصور في من استغرق في الحرص في الأمور الدنيوية، وظهر في المقدمة الأولى أن مرتبة أمير المؤمنين (عليه السلام) كانت أعلى من أن يتوهم فيه هذا التوهم، بل كان هذا التظلم منه (عليه السلام) لإظهار خطأ الظالمين، والسعي فيما أمر به بقدر المقدور، وإتمام الحجة على الناس، وإلا فكيف يجز غفلته (عليه السلام) عن الأمر وإصراره فيه؟ مع ظهوره على أوساط الناس وأدانيها.
وثالثها: دوران الحق معه، كما ظهر من المقدمة الثانية، فيدل على كون قريش على باطل.
وثانيها: أن ظلم قريش إياه وخروجهم عن إطاعته، يدل على خروجهم عن الدين وعن المؤمنين، كما ظهر من المقدمة الثالثة، فلا وجه لحمل التظلم على التظلم على ترك الأولى.
وثالثها: أن امتناع سلمان - مع جودة ذهنه وجلالته، كما ظهرتا من المقدمة الرابعة - عن البيعة، وتمسكه ببيت فاطمة (عليها السلام) مع بني هاشم، لتجويز منع الحياء عن سرعتهم في كشف بيت فاطمة (عليها السلام)، يدل على ظهور بطلان ما أرادوا، وإلا كان مقتضى طريقته التي هي طلب الحق - كما هو ظاهر من كيفية إسلامه وفضائله - أن يستفسر وجه اختيار أبي بكر، ويظهر ما في قلبه عليهم، ويطلب منهم أن يظهروا ما في قلبهم عليه، حتى يظهر الحق على طالبه.
ورابعها: أنه لو كان داعيهم على طلب البيعة إطاعة الشارع وإعلاء كلمة الله، وكان اختيارهم من اختاروه للاستحقاق، بمقتضى دليل دلهم على الاختيار لا تعمد الظلم والحيلة، لم يكن للتشديد وجه أصلا، لأن امتناع أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن وافقه في الامتناع لم يكن إلا لعدم ظهور استحقاق الأول عليهم، وإتمام الدليل الذي