الله، أما أني أشهد أني سعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر، فإذا أردتم أن تنظروا إلى أشبه الناس بعيسى بن مريم برا وزهدا ونسكا فعليكم به.
وعنه في تاريخه، عن المغرور (١) بن سويد قال: كان عثمان يخطب، فأخذ أبو ذر بحلقة الباب فقال: أنا أبو ذر من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إنما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح في قومه، من تخلف عنها هلك، ومن ركبها نجا، قال له عثمان: كذبت، فقال له علي عليه السلام: إنما كان عليك أن تقول كما قال العبد الصالح: ﴿إن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم﴾ (2)، فما أتم حتى قال عثمان: بفيك التراب، فقال علي عليه السلام: بل بفيك التراب.
وذكر الواقدي في تاريخه، عن سعيد بن عطاء، عن أبي مروان الأحمر (3)، عن أبيه، عن جده قال: لما صد الناس عن الحج في سنة ثلاثين أظهر أبو ذر بالشام عيب عثمان، فجعل كلما دخل المسجد أو خرج شتم عثمان، وذكر منه خصال كلها قبيحة، فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى عثمان كتابا يذكر له ما يصنع أبو ذر، وذكر (الواقدي) (4) ما تضمنه الكتاب، حذفناه اختصارا، فكتب إليه عثمان: أما بعد، فقد جاءني كتابك وفهمت ما ذكرت من أبي ذر جندب (5)، فابعث إلي به، واحمله على أغلظ المراكب وأوعرها، وابعث معه دليلا يسير به الليل والنهار حتى لا ينزل عن مركبه، فيغلبه النوم فينسيه ذكري وذكرك، قال: فلما ورد الكتاب على معاوية حمله على شارف ليس عليه إلا قتب، وبعث معه دليلا، وأمر أن يفذ به السير، حتى قدم به المدينة وقد سقط لحم