وذكر الثقفي في تاريخه، عن عبد الرحمن بن... (1) أن أبا ذر زار أبا الدرداء بحمص، فمكث عنده ليالي، فأمر بحماره فأوكف، فقال أبو الدرداء: لا أراني إلا مشيعك، وأمر بحماره فأسرج، فسارا جميعا على حماريهما، فلقيا رجلا شهد الجمعة عند معاوية بالجابية، فعرفهما الرجل ولم يعرفاه، فأخبرهما خبر الناس، ثم أن الرجل قال: وخبر آخر كرهت أن أخبركم به الآن وأراكم تكرهانه، قال أبو الدرداء: لعل أبا ذر قد نفي؟
قال: نعم والله، فاسترجع أبو الدرداء وصاحبه قريبا من عشر مرات، ثم قال أبو الدرداء:
فارتقبهم واصطبر كما قيل لأصحاب الناقة، اللهم إن كانوا كذبوا أبا ذر فإني لا أكذبه، وإن اتهموه فإني لا أتهمه، وإن استغشوه فإني لا أستغشه، إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأتمنه حيث لا يأتمن أحدا، ويسر إليه حتى لا يسر إلى أحد، أما والذي نفس أبي الدرداء بيده لو أن أبا ذر قطع يميني ما أبغضته بعدما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر.
وذكر الثقفي في تاريخه بإسناده قال: قام معاوية خطيبا بالشام فقال: أيها الناس إنما أنا خازن، في أعطيته فالله يعطيه، ومن حرمته فالله يحرمه، فقام إليه أبو ذر فقال:
كذبت والله يا معاوية، إنك لتعطي من حرم الله وتمنع من أعطى الله.
وذكر الثقفي عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر قال: قلت لمعاوية: أما أنا فأشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن أحدنا فرعون هذه الأمة، فقال معاوية: أما أنا فلا.
وعنه، عن عبد الملك ابن أخي أبي ذر قال: كتب معاوية إلى عثمان: أن أبا ذر قد حرف قلوب أهل الشام وبغضك إليهم، فما يستفتون غيره ولا يقضي بينهم إلا هو، فكتب عثمان إلى معاوية: أن أجمل أبا ذر على ناب صعبة وقتب، ثم أبعث معه من يخشن به