وارتفاعها.
فلا يخلو أن تكون جهة الإعجاز تعذر جنس الكلام، أو مجرد الفصاحة والنظم، أو مجموعهما (1)، أو سلب العلوم التي معها تتأتى المعارضة.
والأول ظاهر الفساد، لكون كل محدث سليم الآلة قادرا على جنس الكلام، ومن جملته القرآن، ولهذا يصح النطق بمثله من كل ناطق.
والثاني يقتضي حصول الفرق بين قصير سورة وفصيح الكلام على وجه لا لبس فيه على أحد أنس بموضع الفصاحة، لكون كل سورة منه معجزا وما عداه معتادا، كالفرق بين انقلاب العصا حية وتحريكها، وفلق البحر والخوض فيه، وظفر البحر وجدوله (2).
وفي علمنا بخلاف ذلك وأنا على مقدار بصيرتنا بالفصاحة نفرن بين شعر النابغة وزهير وشعر المتنبي فرقا لا لبس فيه، مع كونهما معتادين، ولا يحصل لنا مثل هذا بين قصير سورة وفصيح كلام العرب، مع وجوب تضاعف ظهور الفرق بينهما، لكون أحدهما معجزا والآخر معتادا، دليل على أنه لم يخرق العادة بفصاحته.
ولا يجوز كون النظم معجزا، لأنه لا تفاوت فيه، ولهذا نجد من أنس بنظم شئ من الشعر قدر على جميع الأوزان بركيك الكلام أو جيده، وإنما يقع التفاوت بالفصاحة.
ولا يجوز أن يكون الإعجاز بمجموعهما من وجهين:
أحدهما: أنا قد بينا تعلق الفصاحة والنظم بمقدور العباد منفردين، وذلك يقتضي صحة الجمع بينهما، لأن القادر على إيجاد الجنس على وجهين منفردين يجب أن يكون قادرا على إيجاده عليهما مجتمعين، إذ كان الجمع بينهما صحيحا،